البحث الثالث
في أنه تعالى ليس في محل
ذهب بعض النصارى الى أنه تعالى في بدن عيسى عليه السلام (1)، وبعض الصوفية قالوا : إنه حال في أبدان العارفين (2)، واحتج الجمهور على ذلك بأنه إما أن يكون حالا في محل واحد أو أكثر ، ويلزم على الأول كونه جزء لا يتجزى وهو محال ، وعلى الثاني تركيبه أو حلول الواحد في محال متعددة مع المحال الأول.
وأيضا حلوله في الجسم إما أن يكون قديما فيلزم قدم الجسم او محدثا فلا بد له من علة ، فإن كان موجبا كان مجردا ، لأن الأجسام والجسمانيات متساوية في الأحكام لتساويها في الحقائق ، ولو كان مجردا لم يكن له اختصاص بذلك الجسم الذي جعل محلا ، وإن كان مختارا فلا بد له من أثر ، لكن الحلول ليس بأثر وإلا لكان وجوديا ويلزم التسلسل.
وأيضا لو حل في غيره ، فإما أن يحل مع احتياجه الى المحل ، أو لا معه ، ويلزم من الأول الإمكان ، ومن الثاني عدم الحلول ، لأن الحال محتاج الى المحل.
وأيضا لو حل في غيره ، فإما أن يحل مع وجوب أن يحل ، أو مع جوازه ، والأول باطل لافتقاره ، ولأن غيره إما الجسم أو العرض ، فيلزم إما قدمهما أو حدوثه والثاني باطل ، لأن الغني عن المحل يستحيل أن يحل فيه.
Shafi 320