البحث الثاني
في انه تعالى ليس بمتحيز
اعلم أن المتحيز إما أن يكون بالذات وإما أن يكون بالعرض ، فالأول هو الأجسام لا غير عند الأوائل ، وعند المتكلمين الجزء الذي لا يتجزى أيضا ، والثاني هو العرض عند الجميع والمادة الصورة عند الأوائل ، ونعني بالمتحيز هاهنا ، الحاصل في الحيز وواجب الوجود ليس بجسم ، لأن كل جسم مركب اما من المادة والصورة على رأي الأوائل ، او من الجواهر الأفراد ، وكل مركب ممكن.
ولأنه لو كان جسما لكان لا ينفك عن الأكوان الحادثة بالضرورة فيكون حادثا ، وهذه الدلالة دالة على نفي كونه متحيزا بجميع المعاني ، قيل : لو كان متحيزا تساوى المتحيزات في التحيز ، فإن لم يخالفها فهو ممكن ولا تركب.
وهذه الحجة عندي ضعيفة ، فإن مع المخالفة لا يجب التركيب الا اذا كانت المخالفة والمشاركة بأمر مقوم.
واستدل بأنه لو كان جسما ، فإن قام لمجموع (1) الأجزاء علم وقدرة وحياة لزم قيام العرض الواحد (2) بالمجال المتعددة والا كان ذلك الجسم ليس قادرا عالما حيا بل جملة قادرين أحياء عالمين ، وضعف هذه لا يخفى بما سلف من الأصول.
والمجسمة زعموا ان الله تعالى جسم ، واستدلوا على ذلك بانه عالم بالأجسام (3) قبل وجودها والعلم متأخر عن التميز ، والتميز إن كان في الخارج لزم
Shafi 318