221

البحث الخامس

في أن الباري تعالى عالم

لأنه تعالى فعل الأفعال المحكمة المتقنة ، وكل من كان كذلك فهو عالم بالضرورة والصغرى محسوسة.

فان قيل : ما معنى الإحكام إن عنيتم به مطابقة المصلحة من كل وجه منعنا الصغرى فإن مفردات العالم ومركباته لا تنفك عن مفسدة من وجه ، او من بعض الوجوه منعنا الكبرى فإن كثيرا من الفاعلين يكون أفعالهم مطابقة للمصلحة من بعض الوجوه مع كونهم غير عالمين كالساهي والنائم.

وأيضا الأفعال المحكمة قد تصدر ممن ليس بعالم كالنحل والمحتذى.

وأيضا فان المحكم قد يصدر مرة من غير العالم فجاز ثانية وثالثة.

وأيضا لو كان عالما لكان علمه إما عين ذاته او غيرها ، والقسمان باطلان ، أما الأول فلأن العلم أمر نسبي يتوقف على المنتسبين فهو مغاير لهما ولأنا ندرك التفرقة بين قولنا ذاته وبين قولنا (1) ذاته عالمة ، ولأنا بعد العلم بثبوت ذاته قد نشك في علمه فدل على التغاير.

وأما الثاني فلأن المؤثر فيه لا يكون الا ذاته تعالى فيكون قابلا وفاعلا.

والجواب معنى الإحكام هو المطابقة للمنفعة من الجهة المطلوبة منه وهو دال على العلم بالضرورة ولا يسمع فيه التشكيك والنحل والمحتذى عالمان والاستبعاد ليس بحجة.

Shafi 267