هذا وقد أجيب عن مثل ذلك الدليل للمحرمين بجوابين آخرين:
الأول: أن الإذن الحاصل من الأئمة الماضين كالإذن الحاصل عن إمام الوقت، فالشرط موجود، فلم لا تجوز الجمعة وتكون حراما؟
وقد ظهر ما ذكرنا من كلام الشهيد في الذكرى (1).
وهو ظاهر كلام الشيخ (رحمه الله) في الخلاف قال - بعد كلام ظاهر، بل صريح في حرمة الجمعة بدون الإذن -: فإن قيل: أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم:
أنه يجوز لأهل القرى والسواد من المؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذي ينعقد بهم أن يصلوا الجمعة؟ قلنا: ذلك مأذون فيه، مرغب فيه، فجرى مجرى أن ينصب الإمام من يصلي بهم (2).
وهو الظاهر من كلام العلامة أيضا، سيما في النهاية فإنه قال - بعد نقل الاجماع على اشتراط الإذن -: هذا في حال حضوره، أما في حال الغيبة، فالأقوى أنه يجوز لفقهاء المؤمنين إقامتها، لقول زرارة: حثنا أبو عبد الله (عليه السلام) الحديث، وقول الباقر (عليه السلام) لعبد الملك: مثلك يهلك... الحديث، ومنع جماعة من أصحابنا ذلك لفقد الشرط، والباقر والصادق (عليهما السلام) لما أذنا لزرارة وعبد الملك جاز، لوجود المقتضي، وهو إذن الإمام (عليه السلام) (3).
وفيه نظر أيضا، لمنع كون ذلك هو الإذن المدعى على شرطيته الاجماع، كما ظهر من كلام الشهيد في الذكرى، وهو غير متبادر من الإذن أيضا.
فنقول حينئذ: إن أردت من كون وجوب صلاة الجمعة عينا مشروطا بالإذن كونه مشروطا بإيجاب الشارع، وبيان حكم وجوبه، كما هو شأن الأخبار المطلقة، فلم لا تقول ذلك في الفرائض الخمس وغيرها من الواجبات؟ مع أنه لا فائدة في ذلك، إذ حينئذ يصير المعنى أنه ليس وجوب صلاة الجمعة إلا من جانب الله تعالى، ومن جهة إذنه بلسان أوليائه. وحكمه بالوجوب، وهذا أمر بديهي ظاهر،
Shafi 36