فإن قلت: غاية ما ثبت مما ذكرت أن الاجماع نفي الوجوب وعينيته أيضا، لكنه لا يستلزم ذلك نفي الجواز بالمعنى الأعم، بل ولا الرجحان المطلق أيضا، فيبقى الجواز أو الاستحباب وهو المطلوب، أما الثاني فظاهر كونه محصلا للمطلوب، وأما الأول فللإجماع على أن ما جاز من العبادات تكون راجحا.
قلت: أولا: غاية ما ثبت مما ذكرت استحباب ذلك، وأين هذا من كونه مسقطا للظهر، وليس معنى استحباب شئ كونه مسقطا للفريضة، ولا يتم المطلوب إلا بذلك.
فإن قلت: لا قائل بالفصل.
قلت: يمكن أن يقال: من يحتاط بالجمع مع كون الراجح عنده هو الظهر يقول بالاستحباب ولا يقول بكونه مسقطا.
وثانيا: أن ما ذكرت إنما يصح لو قلنا بثبوت تلك المسألة، وأن الجواز يبقى بعد نسخ الوجوب، وقد بينا بطلانه في تعليقاتنا على تهذيب العلامة (1) بما لا مزيد عليه، وفصلنا تمام التفصيل هناك.
وأما ثانيا: فلأنه يلزم مما ذكره استعمال لفظ المشترك في معنييه، وهو غير مقبول عند أهل التحقيق، مع أن الكلام فيما هو من قبيل الخطاب الشفاهي، واحتياجه في تعميم الحكم بالنسبة إلى مثل هذا الزمان إلى الاجماع المعلوم حاله هنا بعد باق بحالها، وجعل ما ذكر من قبيل عموم المجاز، مع أنه خلاف الظاهر من كلامه (رحمه الله) أيضا.
يرد عليه - مضافا إلى ما ذكر - إلغاء الأدلة رأسا، إذ المدار حينئذ في إثبات الوجوب والجواز كليهما على الاجماع، فتأمل جدا.
فالصواب في الجواب أن يتشبث بما سيجئ من الأدلة، وسيجئ تمام الكلام إن شاء الله تعالى.
Shafi 35