يا بني: ومن كثرت مراقبته، طالت نعمته، والنعم أسرع شيء زوالا عن البطر، وليس لها عنده مستقر، وليس يدركها ذو الفظاظة والغلظة إلا بالمحتوم من المقادير.
يا بني: وربما حبي القاسي الذي ليست من شكله منها بالسرور، وقد يكون استدارجا للنحرير، وسببا للحسرة والوبال، على المهذب من الرجال، فاحجب بينك وبين المحبوب بستر لا تنهتك أطنابه، ولا تنبتك أسبابه، وعليك بالصبر عند نفاره، لكيلا تفجعك فرقته عند إدباره، لحادث يصرفه عنك، ويستنزعه منك، فإن من لم تحسن - بديهته عند نائبته، ويغلب جميل عزائهجليل مصيبته، قبل أن تدور الدوائر بفجيعته - عيل صبره، وامتلأ بالرزايا صدره، إذا هجم عليه غائبها، وبرك بكلاكله على كاهله نائبها.
يا بني: رب النعم بالشكر فإن النعم أقسام، تقسمها الأيام، ثم تضرب لها أجلا، وتجعلها بين الخلائق دولا، تمتع بها قوما وتعدمها آخرين، ثم تسلبها بالكلية من الناس أجمعين، وليس عليها شرائط للمستفيدين، يستوجبونها دون الآخرين، ما كانوا في الأحياء المرزوقين، ويستحيل أن يكون ذلك في أمل الآملين، وإنما هي بلاغ وعارية إلى حين.
Shafi 213