ذوقي ومعرفتي، ومعلوم أن الذوق والوجدان لم يكن موافقًا للعقل والنظر وإلا لزم فسادهما أو فساد أحدهما.
والقول الرابع: قول من يقول إن الله بذاته فوق العالم وهو بذاته في كل مكان، وهذا قول طوائف من أهل الكلام والتصوف كأبي معاذ وأمثاله، وقد ذكر الأشعري في المقالات هذا عن طوائف ويوجد في كلام السالمية كأبي طالب المكي وأتباعه مثل أبي الحكم بن برجان وأمثاله ما يشير إلى نحو من هذا كما يوجد في كلامهم ما يناقض هذا.
وفي الجملة فالقول بالحلول أو ما يناسبه وقع فيه كثير من مستأخري الصوفية. ولهذا كان أئمة القوم يحذرون منه كما في قول الجنيد لما سئل عن التوحيد فقال: التوحيد إفراد المحدث عن القدم، فبين أن التوحيد أن تميز بين القديم والمحدث، وقد أنكر ذلك ابن عربي صاحب الفصوص وادعى أن الجنيد وأمثاله ماتوا وما عرفوا التوحيد، لما أثبتوا الفرق بين العبد والرب، بناء على دعواه أن التوحيد ليس فيه فرق بين الرب والعبد، وزعم أنه لا يميز بين القديم والمحدث إلا من يكون ليس بقديم ولا محدث، وهذا جهل فإن المعرفة بأن هذا ليس ذاك والتمييز بين هذا وذاك لا يقتضي أن يكون العارف المميز بين الشيئين ليس هو أحد الشيئين بل الإنسان يعلم أنه ليس هو ذاك الإنسان الآخر مع أنه أحدهما فكيف لا يعلم أنه غير ربه وإن كان هو أحدهما؟.
1 / 71