والمتقون هم أولياء الله ومع هذا بأجزائه ويكفر عنهم أسوء الذي عملوا. وهذا أمر متفق عليه بين أهل العلم والإيمان، وإنما يخالف في ذلك الغالية من الرافضة وأشباه الرافضة من الغالية في بعض المشايخ ومن يعتقدون أنه من الأولياء، فالرافضة تزعم أن الاثني عشر معصومون من الخطأ والذنب، ويرون هذا من أصول دينهم، والغالية في المشايخ قد يقولون إن الولي محفوظ والنبي معصوم، وكثير منهم لم يقل ذلك بلسانه فحاله حال من يرى أن الشيخ أو الولي لا يخطئ ولا يذنب، وقد يبلغ الغلو بالطائفتين إلى أن يجعلوا بعض من غلوا فيه بمنزلة النبي أو أفضل منه، وإن زادوا الأمر جعلوا له نوعًا من الإلهية، وكل هذا من الضلالات الجاهلية المضاهية للضلالات النصرانية فإن من النصارى من الغلو في المسيح والرهبان والأحبار ما ذمهم الله عليه في القرآن وجعل ذلك عبرة لنا لئلا نسلك سبيلهم ولهذا قال سيد ولد آدم: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ".
فصل: وأما الفقراء الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه فهم صنفان مستحقو الصدقات ومستحقو الفيء، أما المستحقون للصدقات فقد ذكرهم الله في قوله: " إن تبددوا الصدقات فنعمًا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " وفي قوله: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " وإذ ذكر في القرآن اسم المسكين وحده أو الفقير وحده كقوله: " أو إطعام عشرة مساكين " فهما شيء واحد وإذا ذكرا جمعًا فهما صنفان. والمقصود بهما أهل الحاجة وهم الذين لا يجدون كفايتهم لا من مسألة ولا من كسب يقدرون عليه، فمن كان كذلك من المسلمين استحق الأخذ من صدقات المسلمين المفروضة والموقوفة والمنذورة والموصى بها، وبين الفقهاء نزاع في بعض فروع هذه المسائل معروفة عند أهل العلم.
1 / 44