بالنوافل بعد الواجبات. وذكرهم الله في سورة فاطر والواقعة والإنسان والمطففين وأخبر أن الشراب الذي يروى به المقربون بشربهم إياه يمزج لأصحاب اليمين. والولي المطلق هو من مات على ذلك فأما إن قام به الإيمان والتقوى وكان في علم الله تعالى أنه يرتد عن ذلك فهل يكون في حال إيمانه وتقواه وليًا لله أو يقال لم يكن وليًا لله قط لعلم بعاقبة هدايته؟ قولان للعلماء.
وكذلك عندهم الإيمان الذي يعقبه الكفر هل هو إيمان صحيح ثم يبطل بمنزلة ما يحبط من الأعمال بعد كماله؟ أو هو إيمان باطل بمنزلة من أفطر قبل غروب الشمس في صيامه ومن أحدث قبل السلام في صلاته أيضًا؟ فيه قولان للفقهاء المتكلمين والصوفية والنزاع في ذلك بين أهل السنة والحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم.
وكذلك يوجد النزاع فيه بين أصحاب مالك والشافعي وغيرهم، لكن أكثر أصحاب أبي حنيفة لا يشترطون سلامة العاقبة، وكثير من أصحاب مالك والشافعي شرط سلامة العاقبة، وهو قول كثير من متكلمي أهل الحديث كالأشعري ومن متكلمي الشيعة ويبنون على هذا النزاع هل ولي الله يصير عدو الله؟ وبالعكس؟ ومن أحبه الله ورضي عنه هل أبغضه الله وسخط عليه في وقت ما؟ وبالعكس؟ ومن أبغضه الله وسخط عليه هل أحبه الله ورضي عنه في وقت ما على القولين والتحقيق وهو الجمع بين القولين فإن علم الله القديم الأزلي وما يتبعه من محبته ورضاه وبغضه وسخطه وولايته وعداوته لا يتغير، فمن علم الله منه أنه يوافي حين موته بالإيمان والتقوى فقد تعلقت به محبة الله وولايته ورضاه عنه أزلًا وأبدًا. وكذلك من علم الله منه أنه يوافي حين موته بالكفر فقد تعلق به بغض الله وعدوانه وسخطه أزلًا وأبدًا ولكن مع ذلك فإن الله يبغض ما قام بالأول من كفر وفسوق قبل موته، وقد يقال أنه يبغض ويمقته على ذلك كما ينهاه عن ذلك وهو ﷾ يأمر بما فعله الثاني من الإيمان والتقوى ويحب ما يأمر به ويرضاه، وقد يقال أنه يوليه حينئذ على ذلك
1 / 41