إلا جاهل ضال وإن كان قد ذكر في بعض الكتب شيء من ذلك فكله كذب باتفاق أهل العلم والإيمان.
فصل: وأما قوله: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه " فهي عامة فيمن تناوله هذا الوصف مثل الذين يصلون الفجر والعصر في جماعة فإنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي وجهه سواء كانوا من أهل الصفة أو غيرهم، أمر الله نبيه بالصبر مع عباد الله الصالحين الذين يريدون وجهه وأن لا تعدو عيناه عنهم " تريد زينة الحياة الدنيا " وهذه الآية في الكهف وهي سورة مكية وكذلك الآية التي هي في سورة الأنعام " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ".
وقد روي أن هاتين الآيتين نزلتا في المؤمنين المستضعفين لما طلب المستكبرون أن يبعدهم النبي ﷺ فنهاه الله تعالى عن طرد من يريد وجهه وإن كان مستضعفًا ثم أمره بالصبر معهم وكان ذلك قبل الهجرة إلى المدينة وقبل وجود الصفة لكن هي متناولة لكل من كان بهذا الوصف من أهل الصفة وغيرهم. والمقصود بذلك أن يكون مع المؤمنين المتقين الذي هم أولياء الله وإن كانوا فقراء ضعفاء فلا يتقدم أحد عند الله تعالى بسلطانه وماله، ولا بذله وفقره، وإنما يتقدم عنده بالإيمان والعمل الصالح، فنهى الله ﷾ أن يطاع (١) أهل الرئاسة والمال الذين يريدون إبعاد من كان ضعيفًا أو فقيرًا وأمره أن لا يطرد من كان منهم يريد وجهه وأن يصبر نفسه معهم في الجماعة التي أمر الله فيها بالاجتماع بهم كصلاة الفجر والعصر ولا يطيع أمر الغافلين عن ذكر الله المتبعين لأهوائهم.
_________
(١) لعل الأصل: فنهى الله ﷾ نبيه أن يطيع الخ بدليل ما عطف عليه من قوله: وأمره الخ
1 / 39