الله ورسوله فمنهم من هو من أهل الصفة، والعشرة لم يكن فيهم من هو من أهل الصفة إلا سعد بن أبي وقاص فقد قيل إنه أقام بالصفة مرة، وأما أكابر المهاجرين والأنصار مثل الخلفاء الأربعة ومثل سعد ابن معاذ وأسيد بن الحضير وعباد بن بشر وأبي أيوب الأنصاري ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب ونحوهم لم يكونوا من أهل الصفة بل عامة أهل الصفة إنما كانوا من فقراء المهاجرين، والأنصار كانوا في ديارهم ولم يكن أحد ينذر لأهل الصفة ولا لغيرهم.
فصل: وأما سماع المكاء والتصدية وهو الاجتماع لسماع القصائد الربانية سواء كان بكف أو بقضيب أو بدف أو كان مع ذلك شبابة فهذا لم يفعله أحد من الصحابة لا من أهل الصفة ولا من غيرهم ولا من التابعين بل القرون الثلاثة المفضلة التي قال فيها النبي ﷺ: " خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " لم يكن فيهم أحد يجتمع على هذا السماع لا في الحجاز ولا في الشام ولا في اليمن ولا في العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب وإنما كان السماع الذين يجتمعون عليه سماع القرآن وهو الذي كان الصحابة من أهل الصفة وغيرهم يجتمعون عليه فكان أصحاب محمد إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم يقرأ والباقي يستمعون وقد روي أن النبي ﷺ خرج على أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ فجلس معهم، وكان عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى: يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون وكل من نقل أنهم كان لهم حاد ينشد القصائد الربانية بصلاح القلوب أو أنهم لما أنشد بعض القصائد تواجدوا على ذلك أو أنهم مزقوا ثيابهم أو أن قائدًا أنشدهم:
قد لسعت حية الهوى كبدي ... فلا طبيب لها ولا راقي
إلا الطبيب الذي شغفت به ... فعنده رقيتي وترياقي
أو أن النبي ﷺ لما قال: " إن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم " أنشدوا شعرًا وتواجدوا عليه فكل هذا وأمثاله كذب مفترى وكذب مختلق باتفاق أهل الآفاق من أهل العلم وأهل الإيمان لا ينازع في ذلك
1 / 38