وأشهد لك بعد هذا أنك ستحاسن عمرا الجاحظ وتعاقله، ثم تظارفه وتطاوله، وتتغنى مع مخارق، وتنكر فضل زبزب، وتستجهل النظام، وتستغبي قيس بن زهير، وتستخف الأحنف بن قيس وتبارز علي بن أبي طالب، ثم تخرج من حد الغلبة إلى حد المراء، ومن حد الأحياء إلى حدود الموتى.
هذا وليس لك مساعد، ولا معك شاهد واحد، ولا رأيت أحدا يقف في الحكم عليك، أو ينتظر تحقيق دعواك؛ ولا رأيت منكرا يخليك من التأنيب، ولا مؤنبا يخليك من الوعيد، ولا موعدا يخليك من الإيقاع، ولا موقعا يرثي لك، ولا شافعا يشفع فيك.
يا عم، لم تحملنا على الصدق؟ ولم تجرعنا مرارة الحق؟ ولم تعرضنا لأداء الواجب؟ ولم تستكثر من الشهود عليك؟ ولم تحمل الإخوان على خلاف محبتهم فيك؟
اجعل بدل ما تجني على نفسك أن تجني على عدوك، وبدل ما يضطر الناس أن يصدقوا فيك أن تضطرهم إلى أن يمسكوا عنك.
ولا بد - يرحمك الله - لمن فاته الطول من أن يلقي بيده، إنما يقول خلاف ما يجده في نفسه. فوالله إنك لجيد الهامة، وفي ذلك خلف لحسن القامة.
Shafi 68