إضافة إلى ما كان قد ذكر بخصوص التأويل للأخبار الواردة عن أهل البيت المفيدة بإثبات الرؤية ، فإن ابن الوزير رحمه كان يندد بمتابعته لأهل البيت (ع) فيما أجمعوا عليه من التأويلات ، وأن الأخذ بالظاهر ليس من مذهبه ولا من عقيدته ، فقال رحمه الله : (( ومن ها هنا نسبني كثير من الجهلة إلى القول بالظاهر ، لأني لما استصغرت قدري وأمسكت عن الكلام حيث لا أدري ، علما مني أني لست من الراسخين ، وأني بعد لم أرتفع عن مرتبة المتعلمين ، مع اعتقادي أن الظاهر الذي يخالف مذهب العترة عليهم السلام ، غير مراد ولا مقصود ، ولكني أقف على تأويله ، وأكيع عن تعليله . اللهم إلا أن يصح إجماع العترة عليهم السلام على تأويل معين في ذلك ، فلا أشك حينئذ في التمسك بإجماع العترة الهداة ، والرجوع إلى سفن النجاة )) . انظر العواصم والقواصم 8/ 268 . وهنا تأمل اعتناق ابن الوزير لما أجمع عليه أهل البيت (ع) ، وأن ما يخالف مرادهم من الظاهر - إثبات الرؤية في الأحاديث التي أوردها - غير مراد ولا مقصود . وهنا تأمل إثبات ابن الوزير أن القدماء من أهل البيت (ع) الذي هو متمسك بهم ، لا يقولون بالرؤية ، وذلك عندما قال : (( وحاصل الكلام : أن القدماء من العترة عليهم السلام لم ينقل عنهم مذهب المعتزلة أن الرؤية من المحالات التي لا تدخل في مقدور الله تعالى ، بل مقتضى عبارتهم : أن الله لا يرى لعظمته ، وعزته ، وكبريائه )) انظر العواصم والقواصم 5/ 15 ، ولو تأملت هذا النص جيدا ، تجد ابن الوزير يخالف حول كلمة ( أن الله لا يقدر ) ، وهذه الكلمة قد يضمها البعض ضمن عبارات عدم التأدب مع الله ، وكقول القائل ( يجب على الله ) ، ولكن المهم هنا هو التركيز على أن ابن الوزير ينفي أن يكون قول أهل البيت وتعليلهم لنفي الرؤية هو عدم مقدرة الله ، بل إن سبب قولهم بنفي الرؤية هو التنزيه المطلق لعزة الله وكبريائه ، وأيا كان موضع نسبة ابن الوزير هذا التعليل لأهل البيت الزيدية من الصحة والخطأ ، فالمقام لا يتسع لمناقشة هذا ، وإنما الذي يهمنا هو معرفة عقيدة ابن الوزير مع ذات نفسه ، وقد تبين لك أنه ينسب قدماء أهل البيت (ع) إلى القول بنفي الرؤية - بغض النظر عن سبب النفي للرؤية - ، وقد ثبت أيضا أنه يقول : أنه لا يخالف إجماعهم . ففي هذا ترجيح أكبر وأقوى مما ترجح للسائل ، والله أعلم .
تذكير :
Shafi 9