103

Majmuc

مجموع السيد الإمام حميدان بن يحيى القاسمي عليهما السلام

Nau'ikan

Fikihu Shia

وبعد، فإن الغرض بهذا المختصر وتأليفه، والأرب الذي دعا إلى جمعه وتصنيفه، هو التقرب إلى الله سبحانه بتصريح الحق وتعريفه، وكشف لبس من لبسه بمغالط تأويلاته وتحريفه، ومشاركته بين الخالق والمخلوق في بعض وصفه وتكييفه، وتهجينه بأقوال الموحدين من الأئمة وتعنيفه، وتعظيمه لما زعم أنه من دقيق علم الكلام ولطيفه، الذي ادعت المعتزلة أنهم استنبطوه بثواقب العقول، وأوهموا أنهم ميزوا به بين [كل] معلوم ومجهول، فيما اعتمدوه من رفضهم لأئمة آل الرسول، صلى الله عليه وعليهم واعتقدوه من جواز تقديم الأبعد المفضول، وابتدعوه من الأقوال المزخرفة في الفروع والأصول، الخارجة بمن اغتر بها عن حد المسموع والمعقول، وفي سلوكهم لطريقة الفلاسفة في الجدال، ولبس أدلة الهدى بمغالط الضلال، وادعائهم للحق فيما اخترصوه من مذهبهم، والسبق إلى ما امتدحوا به من لقبهم، وتسميتهم لبدعهم باسم العدل والتوحيد، وتظهيرهم لذم الجهل والتقليد، ليصيدوا بذلك من اغتر به من أغمار الأمة، ويصدوهم به عن التمسك بعلوم الأئمة، الذين اصطفاهم الله تعالى لإرث الكتاب، وإيتاء الحكمة وفصل الخطاب، وجعلهم حفظة للعقول عن تجاوز الغايات، والإختيار لسبل مهاوي الغوايات، وملجئا لكشف ما التبس من الشبهات، وتبيين ما اختلف فيه من تأويل الآيات المتشابهات، وما يوافقها من الأخبار المزخرفة، وتفرع عنها من القياسات المتكلفة، ولذلك أمر المؤمنين بالإعتماد في السؤال عليهم، والرد في كل شيء اختلفوا فيه إليهم، وحتم بالمودة لهم حتما لازما، وحكم في الصلاة بالصلاة عليهم حكما واجبا، وأخبر سبحانه بتطهيره لهم، ليشهر بذلك فضلهم، وبين في محكم كتابه المبين، أنه اختارهم على علم على العالمين؛ لعلمه سبحانه باهتدائهم إلى سواء الصراط، المتوسط بين التفريط والإفراط، ولما زادهم بعد اهتدائهم من الهدى ، الذي جعلهم لأجله ممن بهم يهتدى ويقتدى.

ثم إن من أنكر البدع، وأشهر الشنع، طموح العجب بأهوى المعتزلة، إلى الطمع في النزول بهذه المنزلة، تحكما في الدين وغلوا، وتعظما على المنتجبين وعلوا، وليسوا في ذلك بأعجب حكاية، ولا أعظم في الدين نكاية، من سائر رفضة الأئمة السابقين، والبغضة لكافة العترة المحقين، لولا ميل من خدعوه بزخارف الأقوال، من الجامعين بين التشيع والإعتزال، إلى الترجيح لأقوالهم، والتصحيح لمحالهم، والتعظيم لأخطارهم، والتفخيم لأنظارهم، والتفضيل لمذهبهم، والتبجيل لكتبهم؛ ليتوصلوا بذلك إلى اعتزال علوم الأئمة الهادين، والوصف لهم بقلة العلم بدقائق النظر في أصول الدين، واعتذروا لهم في التقصير عن بلوغ المراد، في نشر العلوم وهداية العباد، بأنهم قنعوا بالجمل واشتغلوا بالجهاد.

فلما سمعت بذلك عنهم، وسمعته شفاها من بعض من عرفت منهم، مع علمي ببعض ما يدحضه من الأدلة الباهرة، وينقضه من أقوال أئمة العترة الطاهرة، تعين علي حينئذ فرض التصريح، بما علمت من أدلة المذهب الصحيح.

Shafi 118