وأما العبث والسفه، فإنما تولد من الشهوات والهوى، والخالق تبارك وتعالى لا يشتهى ولا يهوى، لأن الهوى والشهوة عرض يحل في القلوب، ويتعالى عنه علام الغيوب، وأيضا فقد نجد من المخلوقين الضعفاء المحتاجين من لا يخلف وعده، ولا ينقض أبدا عهده، مع ضعفه وحاجته، ومسكنته وفاقته، وقلة علمه وحكمته، فكيف بمن لا يضعف عن التدبير؟! ولا يهن عن التقدير؟! ولا يحتاج إلى ظلم عبده وإخلاف وعده ووعيده، ومن هو أحكم الحكماء، وأعلم العلماء، وأرحم الرحماء، وأقدم القدماء، وأخبر الخابرين، وأقدر القادرين، وخير الغافرين، وأحسن الخالقين، وأرزق الرازقين، وأسرع الحاسبين، وأقرب الأقربين، ومن عظمت منته، ووسعت رحمته، وبانت حكمته، وظهرت نعمته، وقامت حجته، وتمت كلمته، ونفذت مشيئته، وقهر سلطانه، وعم إحسانه، وعظم شأنه، ووضح برهانه، وكمل عدله، وجل فضله، وكرم فعله، وبلغت رسله، والحمد لله ولي النعم، والفضل والكرم، على بديء نعمه، وفضله وكرمه، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم تسليما.
تم كتاب عبدة النجوم
- - -
كتاب الطبائع
كتاب الطبائع
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطاهرين، وسلم تسليما.
سألت يا أخي - وفقك الله لطاعته، وخصك بأجزل كرامته، وحباك بأسنى هدايته - عن أولى مسائل المتعبدين، وأاعظم مقاصد المهتدين، وأهلك مهالك الملحدين، فقلت: ما الدليل على حدث السموات والأرضين؟
وهما أدل الدلائل على رب العالمين. والدليل على حدثهما، أنا نظرنا إلى اختلافهما، فلم يخلوا عندنا من أحد أوجه تدل على حدوثهما:
إما أن يكونا خالفتا بين أنفسهما.
وإما أن يكون اختلافهما من قبل قدمهما.
وإما أن يكون اختلافهما دليلا على حدثهما.
Shafi 116