184

Majmuc

مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني

Nau'ikan

Fikihu Shia

وأيضا فإن الإنسان كثير الذنوب، قبيح الفعل كثير العيوب، وإن كان يعجب بشبابه فكيف يعجب بشباب يصير إلى الهرم؟! إن سلم أحد اليومين من الموت والسقم والمصير إلى التفرق والعدم، وإن كان يعجب بشجاعته، فكيف يعجب ويله لجرأته؟! وهو يضعف عن العملة لعجز بنيته، حتى ربما شغلته ومنعته ، من الفكر وقطعته، وإن كان يعجب بنفسه لكثرة علمه، وجودة تمييزه وفهمه، فكيف يعجب بنفس تجهل أكثر مما علمت؟! ولا تدري متى يحل بها ما كرهت، ولو علمت كل علم في الدنيا لما سلمت، وإن العلم يزول إذا عطبت. فأول من فخر، وأعجب بنفسه واستكبر، إبليس، الكافر النجس الرجيس، فمن اقتدى به فقد فعل فعله، وصار بذلك في حكم الله مثله، وذلك أنه فخر بالنار على الطين، وذلك فليس من فعل اللعين، وإنما فخر بالنار لحدتها وضرامتها، وعلوها في الأهوية وخفتها، وما هي عليه من قوة بنيتها، وذلك فإنما هو فعل الله لا فعله، وتقدير الله لا تقديره، وحكمته وفضله. فأما العباد فخيرهم أكرمهم طباعا، وأسبقهم إلى طاعة الله إسراعا، لا ينظر في الخيرة إلا إلى أفعالهم، ولا يفضلون بغير أعمالهم، وقد رأينا من الناس من يتكبر على الجهل وهو لا يعلم، ويحمله الكبر أن لا يقول: الله أعلم، ولو قتل الإنسان نفسه في طلب العلم قتلا، لما برح ولا زال مع معرفته جاهلا.

فاحفظوا رحمكم الله وافهموا، ولا تغفلوا عن ذلك واعلموا، لأن الله سبحنه نقص العباد بأنواع من الشرور، لما في نقصهم من عجائب الأمور، ولو أتمهم وأكملهم وأغناهم، ولم يرهم من النقص والعيوب ما أراهم، لعظم هلاكهم وعتاهم، ولقتلهم حب الدنيا وأطغاهم، ولكنه جاد عليهم بما كفاهم، ثم زجرهم ونهاهم، بعد أن بصرهم هداهم، وبين لهم فجورهم وتقواهم.

وسألت عن الكلام الذين سمعه موسى عليه السلام؟

Shafi 270