Majmu'at al-Rasa'il al-Kubra li Ibn Taymiyyah
مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية
Mai Buga Littafi
دار إحياء التراث العربي
Inda aka buga
بيروت
Nau'ikan
عبد الله من المرجئة، ولا ابراهيم النخعي وأمثاله، فصاروا نقيض الخوارج والمعتزلة فقالوا إن الأعمال ليست من الإيمان، وكانت هذه البدعة أخف البدع، فإن كثيراً من النزاع فيها نزاع في الاسم واللفظ دون الحكم، إذ كان الفقهاء الذين يضاف إليهم هذا القول مثل حماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة وغيرهما هم مع سائر أهل السنة متفقين على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار ثم يخرجهم بالشفاعة كما جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك، وعلى أنه لا بد في الإيمان أن يتكلم بلسانه، وعلى أن الأعمال المفروضة واجبة وتاركها مستحق الذم والعقاب، فكان النزاع في الأعمال هل هي من الإيمان وفي الاستثناء ونحو ذلك وعامته نزاع لفظي، فإن الإيمان إذا أطلق دخلت فيه الأعمال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وستون شعبة أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق)) والحياء شعبة من الإيمان وإذا عطف عليه العمل كقوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فقد ذكر مقيداً بالعطف فهنا قد يقال الأعمال دخلت فيه وعطفت عطف الخاص على العام، وقد يقال لم تدخل فيه ولكن مع العطف كما في اسم الفقير والمسكين إذا أفرد أحدهما تناول الآخر وإذا عطف أحدهما على الآخر فهما صنفان كما في آية الصدقات كقوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) وكما في آية الكفارة كقوله: (فكفارته إطعام عشرة مساكين) وفي قوله: (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) فالفقير والمسكين شيء واحد، وهذا التفصيل في الإيمان هو كذلك في لفظ البر والتقوى والمعروف، وفي الإثم والعدوان والمنكر تختلف دلالتها في الأفراد والاقتران لمن تدبر القرآن، وقد بسط هذا بسطاً كبيراً في الكلام على
29