Tabarmar Aflatun
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Nau'ikan
وشرحه أبو هاشم الجبائي ورد عليه بكتاب طويل سماه «التصفح»، ولكن انتقاد أبي هاشم لآراء أرسطو إنما جاء بمقدار ما تخيل له فهمه؛ لأنه لم يكن عالما بالقواعد المنطقية.
ونقلت غير هذا كتب كثيرة، وشرحت مثل كتاب الكون والفساد، وكتاب الآثار العلوية، وكتاب الحس والمحسوس، وكتاب الحيوان والإلهيات والخلقيات.
وأهم من اشتغل بترجمة أرسطو وشرحه من علماء العرب هم من ذكرنا، ويضاف إليهم ابن سينا وابن رشد، وبالجملة فأعظمهم قدرا الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد ويحيى بن عدي. (1) ما كتبه العرب عن أرسطو
قال المسعودي أبو الحسن علي بن الحسين بن علي: إن معنى اسم أرسطو كامل الفضيلة، ومعنى اسم أبيه قاهر الخصوم، وكان أبوه فيثاغوري المذهب.
وأرسطو أول من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية، وصورها بالأشكال الثلاثة، وجعلها آلة للعلوم النظرية.
وذكر له القاضي أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي المتوفى سنة 463 هجرية الكتب الآتية: المناظر - الخطوط - الحيل - سمع الكيان - السماء والعالم - الحيوان - النبات - النفس - الحس والمحسوس - الصحة والسقم - الشباب والهرم - ما بعد الطبيعة - أوذيميا - سوفسطيقا - السلوجسموس. ولا حاجة بنا إلى القول بأن هذا خلط لا معنى له، ولا يحتاج إلى تفنيد، ولكن ذكرناه؛ لأن القاضي صاعد من أكبر الثقات في تاريخ الفلسفة عند العرب، وادعى القفطي المتوفى 646 هجرية في أخبار العلماء بأن أرسطو خلف أفلاطون في التعليم في مدرستين، وهذا غير صحيح؛ فإنه لم يخلفه حتى ولا في مدرسة واحدة، ثم أخذ القفطي ينسخ أقوال صاعد الأندلسي بغير تمييز، ويضيف عليها مثلها، ثم روى عن محمد بن إسحق النديم أن سبب اهتمام المأمون بكتب اليونان رؤيا رأى فيها أرسطو وهو أبيض مشرب بالحمرة، واسع الجبين، مقرون الحاجبين، حسن الشمائل (ولا ينقص إلا أن يقول سكري المبسم!) وأن المأمون سأله ... إلى آخر ما جاء به في هذه الخرافة. وذكر ابن إسحق المذكور أن معنى أرسطوطاليس محب الحكمة! وأن أرسطو لم ينظر في الفلسفة إلا بعد أن جاوز الثلاثين من عمره! ثم سرد الكاتب العربي وصية أرسطو بشأن أولاده، وذكروا سنه عند موته «67 عاما، والله أعلم».
وأن مؤلفاته هي قاطغورياس (المقولات)، وباريميلياس (العبارة)، وأنولوطيقا (التحليل)، وأبوديقطيقا (البرهان)، وطوبيقا (الجدل)، وسوفسطيقا (المغالطون أو الحكماء المموهون)، وريطوريقا (الخطابة)، وبوطيقا (الشعر).
ونحن لا نريد الغض من قدر هؤلاء الكتاب، ولكن الذي يدهشنا منهم إلقاء القول على عواهنه، وعدم التحقيق من معنى الاسم، أو السن، أو تاريخ الميلاد والوفاة؛ فإن كانت هذه حالهم في بسائط الأمور، فكيف حالهم في جليلها؟!
ولم ينج أرسطو من التكفير في نظر بعض كتاب العرب؛ فقد قال الوزير جمال الدين في كتابه أخبار الحكماء: إن أرسطو رأى كلام أفلاطون وسقراط مدخول الحجج، متزلزل القواعد غير محكم البينة في الرد والمنع، فهذبه، ورتبه، وحققه، ونمقه، وأسقط ما ضعف منه، غير أنه لم يكن مستندا إلى كتاب منزل، ولا إلى قول نبي مرسل فضل الطريق ... وإن الفارابي وابن سينا وافقاه على شيء من أصوله، فكفرا بكفره، وإن أقدامهما زلت كما زلت قدم أرسطو، وقد كفر الثلاثة بقولهم في ثلاث مسائل خالفوا فيها كافة الإسلاميين، وهي أن الأجساد لا تحشر، وأن المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة، والعقوبات روحانية لا جسمانية، والثانية في صفة الله عز وجل بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات، وقولهم بأزلية العالم وقدمه.
والذي يدهشنا بعد ما تقدم من ذكر الفروق المهولة بين أرسطو وشيخه، وهي فروق سحيقة لا يملأ فراغها، ولا يسبر غورها، أن حكيما عظيما، وفيلسوفا جليلا اشتهر بالوقوف على آراء الحكيمين ونقلهما وتفسيرهما، وهو أبو نصر الفارابي الذي يسميه كتاب العرب المعلم الثاني بعد أرسطوطاليس المعلم الأول، قد تعرض إلى عمل من أبعد الأعمال عن الحكمة، وأقلها نفعا، وأقصاها عن العقل، ألا وهو التوفيق بين الفلسفتين الروحانية والمادية.
Shafi da ba'a sani ba