يعني: إذا لم تعلم علمَ القيامة، فأخبرني عن علاماتها، فقال رسول الله ﵇: "أن تلد الأمة سيدها"؛ يعني: يطأ الرجل أمته، وتلد تلك الأمة من سيدها ولدًا، فيكون الولد سيدًا لأمه؛ لأن ملكَ الوالد يعود إلى الولد بعد موته، فيكون الولد سيد أمته ومولاها، لا بمعنى: أنَّ أمَّه تكون ملكًا له؛ لأن الأمَّ صارت أمَّ ولد للسيد، وتعتقُ بعد موت السيد، ولكن بمعنى: أنه مولى أمه، وله ولاؤها، فإذا أرادت الأمُّ أن تتزوج وليس لها وليٌّ من النسب، فوليها ولدها بحكم الولاء، فقد ثبت أنها ولدت سيدها.
فإن قيل: هذا الشيء قد كان قبل النبي ﵇، فإن إبراهيم ﵇ خليلَ الله وَطِئَ أمته هاجر، وولدت إسماعيل صلوات الله عليهم، فكيف يكون هذا من علامات القيامة؟
قلنا: صيرورةُ الجارية التي هذه صفتها أمَّ الولد وعتقَها بعد موت السيد من علامات القيامة، لا مجرد ولادة الأمة من سيدها ولدًا؛ لأنه لم يكن قبل نبينا ﵇ وإلى مدة من أول الإسلام عتقُ أم الولد، بل جاز في أول الإسلام بيعُ أمهات الأولاد، ثم حكم النبي ﷺ بعتق أمهاتِ الأولاد بعد موت سادتهن، ونهى عن بيعهن.
وأما التاء في "ربَّتها" فيها ثلاث احتمالات:
أحدها: أن التاء لتأنيثِ لفظٍ، وهو مؤنَّثٌ مقدَّر، تكون (ربتها) صفةً لها، فعلى هذا تقديره: وأن تلد الأمة نفسًا هي ربتها، فتكون (ربتها) صفة للنفس، والنفس مؤنث، أو يكون تقديره: وأن تلد الأمة نسمة هي ربتها، وما أشبه ذلك ممَّا يكون تقديره من الألفاظ المؤنثة، والنسمة: الإنسان، فعلى هذا الاحتمال يتناول لفظُ (ربتها) الابن والبنتَ.
والاحتمال الثاني: أن المراد بـ (ربتها): البنت، فيكون الابن داخلًا