لا يعطيه العطاءَ بل يُوْصِلُ بقَدْرِ ما يقدِرُ عليه من أنواع العذاب والضرر.
(عافاه الله تعالى)؛ أي: أعطاه الله العافية، وهي أن يدفع الله عنه ما يكره، ومعنى (يعافيهم) هنا: أنه تعالى يدفع عنهم البلاء والضرر في الدنيا.
* * *
٢٣ - وعن مُعاذ ﵁ قال: كنت رِدْفَ النبيِّ ﷺ على حمارٍ، ليس بيني وبينه إلاَّ مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ، فقال: "يا معاذُ! هلْ تدري ما حقُّ الله على عبادِه؟ وما حقُّ العِبادِ على الله؟ "، قلتُ: الله ورسولهُ أعلم، قال: "فإنَّ حَقَّ الله على العباد أنْ يعبُدُوهُ، ولا يُشْرِكُوا به شيئًا، وحقُّ العبادِ على الله أنْ لا يُعذِّبَ مَنْ لا يُشركُ بهِ شيئًا"، فقلت: يا رسول الله، أفلا أُبَشِّرُ به الناسَ؟ قال: "لا، فَيتَّكِلُوا".
قوله: "كنت ردت النبي ﵇"، (الردف): بكسر الراء وسكون الدال: إذا ركب خلف الراكب من الفرس وغيره، وكلُّ شيء يتبع شيئًا فهو رِدْفُه؛ يعني: كنت راكبًا خلف رسول الله ﵇ "على حمار".
وقوله: (كنت ردف النبي ﵇ على حمار) يدل على أشياء:
أحدها: جواز ركوب اثنين على دابةٍ واحدة، وقد جاء في الحديث أنه ركب اثنان مع النبي على بعيرٍ واحد.
والثاني: أن ركوب الحمار سنةٌ؛ لموافقة رسول الله ﵇، ولأنه أقرب إلى التواضع.
والثالث: أن عرق الحمار طاهرٌ، وما على ظهره من الغبار معفوٌّ عنه؛ لأن الغالب وصولُ بعض أعضاء رسول الله ﵇ ومعاذ أو بعضِ ثيابهما إلى الحمار.
والرابع: أن صدر ظهر الدابة أولى بالأشرف والأفضل؛ لأن النبي عليه