Madkhal Fiqhi
المدخل الفقهي العام
Mai Buga Littafi
دار القلم
Nau'ikan
فالاستحسان المقصود إنما هو عدول من الفقيه المستنبط عن حكم القياس حيث يجوز القياس لفقدان النص التشريعي. وإن القرآن ثم السنة ثم الإجماع مصادر ثلاثة أساسية مقدمة في الرتبة على القياس، فلا مجال لقياس ولا استحسان إلا فيما لم يرد من الأحكام في أحد تلك المصادر الثلاثة .ا إطلاق اسم الاستحسان على هذين النوعين هو حشر للشيء في غير زمرته، وتوسع في لفظ الاستحسان يورث اشتباها في تمييز الحقائق(1) .
على أن ما ورد به النص منحرفا عن قياس أمثاله لمصلحة لحظها الشارع الأمر إنما هو في الحقيقة استحسان الشارع وليس الكلام فيه ، وإنما الكلام في استحسان الفقيه المستنبط الذي يطبق نصوص الشارع ويقيس عليها، ويستحسن على وفقها، مستلهما من غرض الشارع ومقاصد شريعته(2).
- وقد اشتهر أبو حنيفة وأتباعه من فقهاء مدرسته بطريقة الاستحسان وبناء الأحكام عليها، وبرعوا في الاستنباط الاستحساني براعة عدلوا فيها كثيرا من غلو القياس الظاهر عندما يؤدي إلى مشكلة في 4
يعتبرون طريقة الاستحسان قولا بالرأي والهوى المجرد عن دليل شرعي، فأراد الاستحسانيون بهذا التوسيع لمعناه الأصلي أن يفهموهم أن من معناه الاستناد إلى السنة أو الإجماع أو القياس.
*(2) والفرق بين استحسان الشارع واستحسان الفقيه المستنبط يشبه بعض الشبه الفرق في اصطلاح علماء القانون اليوم بين القرائن القانونية والقرائن القضائية .ا والقرائن القانونية: هي التي عينها الشارع أو واضع القانون ورتب عليها حكما خاصا نص عليه لا رأي للقاضي في تقديره . وذلك كتقادم الحق حيث يمتنع على القاضي سماع الدعوى بحق متقادم وذلك لدلالته بنظر الشارع على الشك في الحق المتقادم حتى منع سماع الدعوى به.
والقرائن القضائية: هي من قبيل البينات والدلائل التي يعود للقاضي تقدير قوتها الاثباتية في وقائع الدعوى.
وشتان ما بين النوعين، فإن الأولى من أدلة الشارع التي يلحظها في تشريعة الآمر والثانية من أدلة القاضي المنفذ في تمحيصه للوقائع
Shafi 94