1 ضوء على الشرائع الوضعية بوجه عام
/1 - إن الشرائع الوضعية، أو القوانين في المجتمعات البشرية البدائية، تتكون تدريجيا في صورة عادات وأعراف. ثم إذا ارتقت حياة الأمة ومداركها ومعارفها وأصبحت لها سلطة حاكمة وسيادة، تلجا إلى تقنين - تلك العادات وتجعل منها نظاما آمرأ في أعمال الناس ومعاملاتهم وعلائقهم. فيحل القانون محل تلك العادات وينسخ اعتبارها، فيلغي منها ما يرى غير صالح، ويثبت ما يرى صالحا، وتصبح العبرة لنصوص القانون وروحه ومقاصل شارعه.
م يرتقي التشريع فيضع الأسس الحقوقية، والقواعد القانونية العامة تاركا للأعراف والعادات تخطيط الحدود الفاصلة للحقوق والالتزامات المتقابلة في التفاصيل الجزئية التي يعسر على الشارع استقصاؤها بالنصوص وليس من المستحسن فيها ذلك الاستقصاء.
وهكذا بارتقاء التشريع ودخوله في طور تقعيد القواعد العامة يعود لعرف والعادات اعتبار في نطاق تقوم فيه بوظيفة المساعد للقانون، غير ميدانها الأول الذي كانت فيه هي القانون.
/1 - وأهم مراحل الرقي التشريعي هي المرحلة التي تجسد فيها الارادات الحقوقية المسماة بالعقود، وتنظم وتحترم نتائجها، وتطلق فيها حرية التعاقد والمشارطات في كل ما لا يخل بالنظام العام والآداب ومقاصد الشارع الأساسية.
م في الأمم ذات التراث التشريعي الراقي يوجد إلى جانب نصوص القوانين، فقه للعلماء المتشرعين (أي نظريات حقوقية وشروح)، واجتهاد القضاة في فهم النصوص وتطبيقها والقياس عليها بصورة توسع استيعاب النصوص المحدودة إلى أفاق غير محدودة، بمراعاة العلل التي راعاها الشارع، وتحكيم دلائل نصوصه.
Shafi 43