Ma'arajin Amali
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Nau'ikan
ومن الغريب ما ذهب إليه أبو محمد في شرح جامع ابن جعفر وعده صاحب الإيضاح مذهبا برأسه قال: إن التسمية على الوضوء هو التأكيد على النية؛ لأن الوضوء لا يقبل بغير نية.
قال: والذكر على ضربين: ذكر باللسان، وذكر بالقلب، فذكر اللسان منبع ذكر القلب، قال: فبذكر الله عند وضوئه بقلبه ثبت ذكر الله، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يكون المتوضئ قاصدا لإنفاذ العبادة؛ لأنه لا يكون خارجا مما تعبد به ما لم يقصد إلى فعله، وهذا غير مستقيم من وجوه:
أحدها: أن الذكر حقيقة باللفظ، مجاز بالقلب، فلا يسمى ذاكرا في الحقيقة إلا من لفظ بالذكر، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا مع قرينة تصرف اللفظ عن إرادة حقيقته.
وثانيها: أن الأحكام المتعلقة باللفظ لا تتعلق بذكر القلب، فتلاوة القرآن محرمة على الجنب والحائض، فإن ذكروا ذلك بقلوبهم دون أن يتلفظوا بألسنتهم فذلك جائز لهم، فدل على أن ذكر القلب ليس بذكر في الحقيقة، فيجب أن تكون التسمية بالقلب غير مجزية.
وثالثها: أن حمل ذكر اسم الله على تأكد النية مخالف للظاهر، فإن النية غير الذكر، وقد ثبت وجوب النية بأحاديث غير هذا الحديث، وثبت وجوب التسمية باللفظ من هذا الحديث، فهما شيئان متغايران.
ورابعها: أن أول كلامه يدل صريحا على أن المراد بالتسمية النية، وآخره يدل صريحا على أن المراد به ذكر الله بالقلب، وبين النية والذكر القلبي تغاير؛ لأن النية هي القصد إلى فعل الشيء، والذكر القلبي هو إحضار اسم الله في القلب، فبين أول كلامه وآخره اضطراب وتخالف، والله أعلم.
Shafi 104