وأطرق السيد عمر لحظة، وعلا وجهه شيء من الحزن والقلق، ثم رفع رأسه إلى حجاج قائلا بصوت خافت: اسمع يا ولدي، لا تكن سببا في تفريق الكلمة الآن ونحن في حاجة إلى كل مساعدة. دع الأرنئود يذهبون وقف هنا أنت وأصحابك وأبناء بلدك حتى تنتصروا، فإذا تم الانتصار أمكننا أن نصفي حسابنا.
وما كاد السيد عمر يتم كلامه حتى سمعت ضجة من ناحية باب القلعة، فخرج حجاج مسرعا، وقام السيد عمر في لهفة ليرى ما هناك، وسرت في الجموع الواقفة حول الخيمة موجة اضطراب وتصاعدت منهم جلبة مختلطة، وبعد حين عاد حجاج يجري نحو السيد عمر قائلا: أبشر يا سيدي! هذا صالح أغا رسول السلطان ينزل من القلعة ذاهبا إلى محمد علي.
فقال السيد عمر في لهفة: أيكون قد نجح في إقناع هذا الباشا العنيد؟
فقال حجاج: وما لنا نحن إذا اقتنع أو أصر على المقاومة! نحن واقفون هنا حتى يستسلم وينزل مضطرا.
فقال السيد عمر: أرجو أن يكون قد نجح، فإن هذا يوفر علينا متاعب كثيرة. دعني أذهب إلى محمد علي يا حجاج لأعلم ماذا يحمل صالح أغا.
وذهب إلى فرسه فركب، وسار حجاج وأبو شمعة على جانبي الفرس يفسحان له طريقا بين الجموع الهاتفة الصاخبة حتى قطع ميدان الرميلة وهبط نحو المدينة من الطريق المجاور لجامع السلطان حسن.
واستمر السيد عمر في سيره وصاحباه حجاج وأبو شمعة يحفان به من اليمين واليسار ومن ورائه موكب كبير من عامة أهل القاهرة يهتفون باسمه وينادون بالانتصار أو الموت.
ولما وصل السيد عمر إلى بيت محمد علي بالأزبكية ترك الجمع الذي حوله ودخل وحده. وكان صالح أغا قد وصل إلى الدار من قبله، فلما دخل كان محمد علي في مجلسه مع الرسول، فقام يستقبله مرحبا وقال لصالح أغا: ألم تر السيد عمر قبل هذا؟ هذا هو صديقي الأعز وهو قائد هذه الألوف التي لا حصر لها.
وتبسم ناظرا إلى السيد عمر.
فقال صالح أغا متجاهلا كلمة محمد علي: قد صعدنا إلى الباشا في القلعة للمرة الثانية اليوم. وكنت عازما في هذه المرة أن أقرأ عليه فرمان العزل بغير تردد.
Shafi da ba'a sani ba