91

واستطاع حجاج بقوة جسمه ودفعه صف الفتيان الذين يسيرون معه أن يصل بعد مشقة إلى المكان الذي كان السيد عمر محصورا فيه بين الجماهير. ولما اقترب منه صاح بهتافه مرات متعددة وهو يلوح بسيفه المسلول فوق رأسه، ورددت الجماهير هتافه بأصوات مدوية هزت فضاء الميدان الفسيح. واستقبله السيد عمر باسما وقال له: أحسنت يا حجاج بالحضور إلى نجدتي.

فصاح حجاج بمن حوله في عنف ليفسحوا للسيد طريقه، وقال يخاطبه: تفضل يا مولاي لترى الغنائم التي وقعت في أيدينا هذا الصباح.

فقال السيد مستبشرا: ها قد صرت قائدا أيها البطل.

فقال حجاج في حماسة: هي بركة مولانا وفضل هؤلاء الشجعان. هي أنفاسك الطاهرة وشجاعة هؤلاء الأبطال. وهذا هو بطل اليوم.

وأشار إلى شاب واقف إلى جواره من بين صف الفتيان المحيط به قائلا: هذا أبو شمعة يا سيدي، هو الذي ترصد للأتراك الذين جاءوا خفية في مساء الأمس من ناحية حلوان ليأخذونا على غرة، وهو الذي أحاط بهم مع أصحابنا هؤلاء وقبضوا عليهم كما يقبض على الدجاج.

فقال السيد عمر ضاحكا: تقصد الدجاج الرومي!

فتعالى الضحك من الجميع واستمر حجاج قائلا: وهم هناك في قفص متين ليضعوا بيضهم على مهل. لهم على كل حال شكرنا؛ لأنهم أتحفونا بكثير من الأسلحة وبمقادير كبيرة من الماء وبقافلة كاملة من الجمال. أليست هذه أنباء سارة؟

فقال السيد عمر: هذه بشرى النصر يا سيد حجاج.

وهز حجاج سيفه فوق رأسه قائلا: وهذا نصيبي يا سيدي من الغنيمة. سأحارب بهذا السيف حتى ينزل الباشا في موكبه الذليل ونسوقه من القلعة ليعود إلى بلاده كما جاء. هذا ما أقسمنا عليه. الانتصار أو الموت. أليس كذلك أيها الرفاق؟

فتصاعدت صيحة عالية طويلة من الجموع الزاخرة: «الانتصار أو الموت!»

Shafi da ba'a sani ba