93

ويبتسم طه حسين ويقول: «ولم لا؟ لقد كان وزراء الدولة العربية في أرقى عصورها من الأدباء، وفي الدولة المتحضرة في العصر الحديث نجد وزراء مثل دزرائيلي في إنجلترا وهو أديب بارع في القصص، ونجد بوانكاريه في فرنسا وهو لم يصل إلى منصب الوزير فقط بل إلى رئاسة الجمهورية، وكليمنسو الطبيب الأديب الوزير، وإدوارد هربو الذي رأس الوزارة عدة مرات، ووزير الأشغال الحالي في فرنسا الذي يشرف على دائرة المعارف الفرنسية الجديدة.

ليس السؤال الذي سألتموه موضوعا كما ينبغي، السؤال الذي يجب أن يلقى هو هل يصلح غير الأديب أن يكون وزيرا؟

إن نظام الحكم الديمقراطي يريد من الوزير أن يكون عالما بنفس الجماهير قادرا على التحدث إليها وتوجيهها، بارعا في الخطابة أمام الشعب وأمام البرلمان ... الأدباء أحق الناس بأمور السياسة وأبرعهم في تصريفها، يشهد لهم بذلك التاريخ منذ بركليس إلى محمد بن عبد الملك الزيات إلى جوته إلى كليمنسو.»

ويشكر عبد العزيز إسحاق أستاذه العميد، ويستأذنه في نشر السؤال ورده في العدد المقبل من مجلته «الفكر الحر».

ويقول طه حسين: «خير، وعلى فكرة كم عددا توزع مجلتكم؟»

ويرد إسحاق: «وصلنا إلى أعداد كبيرة، نحن الآن نوزع أكثر من مئتي نسخة!» ويبتسم الأستاذ العميد في حب وحنان وإشفاق! •••

وفي آخر فبراير 1941 يتولى هيكل باشا وزارة المعارف من جديد.

ويتحدث طه حسين مع هيكل، إنه راض عن طبيعة عمله في وزارة المعارف، لكنه غير راض عن نظرة الوزارة نفسها إلى شئون الثقافة، يقول إنه لذلك كان قد رفع استقالته إلى النقراشي باشا فرفضها، وفوجئ طه حسين بتعيين الوزير الجديد، فلم يجد من الذوق أن يترك العمل بمجرد تولي الدكتور هيكل منصب الوزارة، وهيكل يذكر طه حسين أنه هو نفسه كان أول من اقترح أن يتولى طه حسين أمور الثقافة بالوزارة، وهو الآن يطلب إليه أن يستمر في تحمل هذا العبء، وأن يضيف إليه عبئا آخر وهو أن يكون مستشارا فنيا للوزارة.

ويترك هيكل الوزارة قبل إتمام الإجراءات اللازمة، ويحل محله أحمد نجيب الهلالي باشا، فتتم في عهده إجراءات تعيين طه حسين مستشارا فنيا لوزارة المعارف.

ويدخل طه حسين مستشار وزارة المعارف مع سكرتيره فريد شحاتة الغرفة الجديدة التي خصصتها الوزارة للمستشار.

Shafi da ba'a sani ba