ويرد طه حسين قائلا: «هذا لا يكفيني، أريد أن تكون دار الآثار العربية معروفة أولا لكل المصريين وثانيا لكل زوار مصر، بل إني أريد أن يزور الناس مصر لكي يروا دار الآثار العربية. أرجو أن أتلقى قريبا التقرير المطلوب بتصورك لكيفية تقدم وتطوير الدار في المستقبل، الحرب ستنتهي يوما، الحرب تخريب ينتهي والآثار شهود حضارة خالدون ... موضوع آخر: أحب أن أعرف اقتراحاتك بشأن إعداد المسئولين المصريين عن الآثار العربية في المستقبل.»
ويردد المدير - الذي لم يكن يتوقع هذا الحديث - كلمة «المسئولين»
ويقول طه حسين: «لم أتم حديثي يا مسيو فييت ... إنني أعرف كفاءتك وأقدر مجهودك أجمل تقدير، وقد سبق أن درست أنا على يديك في جامعة مصر الأهلية كما تعلم، ولكني كنت أقول لمسيو دريوتون منذ قليل إنني واثق أنه سيكون فخورا بمن يخلفه من المصريين عندما يجيء الوقت المناسب، وأنا أقول لك نفس الكلام، نحن نريد أن نعطي مصلحة الآثار العربية نفس نصيب مصلحة الآثار المصرية من الاهتمام.»
ويعود المدير بعد صمت قصير فيقول: سأعد التقارير التي طلبتموها، وبمجرد الانتهاء منها أعود لمقابلة سيادتكم.
ويقول له طه حسين: «إلى اللقاء إذن، وشكرا.»
ويخرج مسيو «فييت»، ويستدعي طه حسين أحد معاونيه من شباب تلاميذه، وكان قد اختاره ليعمل معه في الجامعة وفي الوزارة.
يقول طه حسين: «كنت تحدثت مع الوزير عن إنشاء أكاديمية مصرية، وأريد أن تجمع بعض البيانات لإعداد مذكرة تقدم للوزير، عليك أولا أن تطلب إلى الإدارة المختصة بيانا بجميع الجمعيات العلمية والأدبية التي تعينها الوزارة حاليا وبرامج عملها ونشاطها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وثانيا أن تعد لي بنفسك بحثا عن الأكاديميات في فرنسا وروسيا وإنجلترا وألمانيا، وعندما تجمع هذه المعلومات تتعرض لبحث إمكان إنشاء الأكاديمية المصرية، وتوضح تصورك لها حسبما تحدثنا فيما مضى، إن في التاريخ العربي مؤسسات مماثلة سبق العرب بها العالم الحديث؛ بيت الحكمة في عصر المأمون مثلا.» ثم يقول مخاطبا سكرتيره: «أظن الساعة جاوزت الاثنين، ننصرف؟»
ويقول السكرتير: «في الخارج طالب من كلية الآداب اسمه إسحاق، تكلم معكم وأخذ ميعادا بالتليفون، ويقول إنه لن يأخذ من وقتكم إلا دقيقة.»
ويرد طه حسين: «خمس دقائق، نعم، أعطيته موعدا بالتليفون، قال إن بعض طلبة كلية الآداب سوف يصدرون صحيفة اسمها «الفكر الحر»، ويطلب حديثا ...»
ويدخل الطالب، وهو محمد عبد العزيز إسحاق، فيقول: «إن الوقت متأخر يا سيادة العميد ... سؤال واحد إذن: هل يصلح الأديب للوزارة؟»
Shafi da ba'a sani ba