200

ويقول طه: «لا، ابقي معي قليلا.»

فتقول سوزان: «وصل خطاب من أمينة من نيويورك، يظهر أن زوجها قد تقرر تعيينه سفيرا في الهند، وسيمرون علينا في طريقهم إلى نيودلهي.»

ويرد طه قائلا: «من نيويورك إلى الهند؟! سيبقون إذن بعيدين عنا بعدا عظيما ... سيمرون، تقولين إنهم سيمرون فقط؟ متى يسافرون إلى الهند وترى متى يعودون؟!» •••

في مارس 1965 يزور الدكتور طه حسين ابنته في منزلها بالمعادي، وقد عاد زوجها من الهند؛ حيث نقل الآن وكيلا لوزارة الخارجية، فيجد عند صهره عددا من سفراء الدول يدور الحديث معهم حول حاجة الدول المسماة بدول العالم الثالث إلى التعاون والتكامل فيما بينها أولا، لتتعامل بعد ذلك وتتعاون مع الدول الكبرى.

ويقول الدكتور طه حسين: «لا بد أولا أن تحقق كل هذه البلاد لنفسها الحرية الكاملة، وأن تحقق لشعوبها العدل الاجتماعي.»

ويرد سفير الباكستان قائلا: «الحرية والعدالة! إن كل المذاهب السياسية تدعي أنها تستهدف ذلك!»

ويقول طه حسين: «إن كثيرين منا يفكرون في العدل الاجتماعي ومظاهر المطالبة به والسعي إليه، ينظرون إلى الديمقراطية المعتدلة، وينظرون إلى الاشتراكية الدولية وإلى الاشتراكية الوطنية وقد ينظرون إلى الشيوعية في كثير من التردد والاستحياء، ولكنهم لا ينظرون أو لا يكادون ينظرون إلى فكرة المطالبة بالعدل الاجتماعي كما وجدها المسلمون قبل أن ينتصف القرن الأول للهجرة، ومع ذلك فقد كان للمطالبة بتحقيق العدل الاجتماعي في التاريخ الإسلامي أبطال من حقهم أن يدرسوا، وأظن أن شاعركم محمد إقبال قد ألف كتابا اسمه «مجلس الشيطان» تحدث فيه بشيء من ذلك، فقد حدثني مضيفنا اليوم الدكتور الزيات عن هذا الكتاب.»

ويقول سفير الباكستان: «نعم، الكتاب معروف، والشيطان في هذا الكتاب لا يخاف من كل هذه المذاهب، بل إنه يسر لما ينشأ عنها من اختلاف ونزاع، ولكنه يخشى الإسلام ويخاف مبادئه، وبهذه المناسبة كم تحب الباكستان لو استطعتم زيارتها!»

ويقول طه حسين: «عندما كان صهري سفيرا في الهند نقل إلي دعوة من رئيس الجمهورية الهندية لزيارة بلاده، وكم كنت أحب أن أزورها وأزور بلادكم أيضا! فأنتم شركاء في تاريخنا الإسلامي، وأنت شركاء في مستقبلنا أيضا، ولكن الوصول إليكم يستلزم ركوب الطائرة، وأنا لا أركب الطائرة، لم أركبها إلا مرتين؛ مرة لزيارة مدينة الرسول

صلى الله عليه وسلم

Shafi da ba'a sani ba