وقد جاء إلى مقبرة بنى تميم فى ديم ، فقال : احتكموا ، قالوا : ديتين ، قال : ذاك لكم . فلما سكتوا ، قال : إنى قائل قولا لا أقوله راجما عما جعلت لكم ، ولكن الله فضل دينه ، والسلطان يأخذ دية ، والعرب بينها تتعاطى دية ، أتم اليوم طالبون ، وأخشى أن تكونوا غدا مطلوبين ، فلا ترضى منكم العرب إلا يمثل ما سننتم ، قالوا : فقد رددناها إلى دية . فحمد الله تعالى وقام . قال : وما جاء معه بأحد . فلما قام رأيت رداءه مشمرا عن قميصه ، وقميصه مشمرا عن إزاره ، وإزاره مشمرا عن كعبه .
حكى الهيثم عن ابن عياش : أن معاوية لما بايع ليزيد وأتى إلى المدينة ريد الحج ، بلغه عن الحسين بن على وابن الزبير وابن عمر وابن أبي بكر ما يكره(1) فدعاهم معاوية فقال : يا هؤلاء ، إن الناس قد بايعوا لهذا الرجل ، وقد بلغنى عنكم ما أكره ، وما أردت بهذا الأمر إلا الذى هو خير . وقد كان ابن الزبير قال لأصحابه : ولونى كلامه ، فولوه إياه . فقال اين الزبير : يا هذا ، إن ابنك لبس بخير ممن مضى ، فإن أحببت أن تدع الناس على ماتركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستخلفوا خيرهم ، وإن أحببت أن تختار لها كما اختار لها أبو بكر رضى الله عنه ، فإنه قدم أفضل من يعلم ، وإلا فاجعلها شوراي كما جعلها عمر رضى الله عنه ، حتى يأتمر المسلمون في أمرهم . فقال معاوية : يا هؤلاء ، إنى أكره معرة أهل الشام ، ولكنى متكلم وذاكر البيعة فاسكتوا وأنتم على ما أردتم من أمركم .
فحرج معاوية وألزم كل واحد منهم حرسا ، وقال : إن تكلم واحد منهم فاضربوا عنقه . شم صعد المنبر فخحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن هولاء
Shafi 75