Lubab Fi Culum Kitab
اللباب في علوم الكتاب
، وعلى هذه الرواية فالنفي ما دخل على الصلاة، وإنما دخل على حصولها للرجل، وحصولها للرجل عبارة عن انتفاعه بها، وخروجه عن عهدة التكليف بسببها، وعلى هذا التقدير فإنه يمكن إجراء حرف النفي على ظاهره.
الثاني: من اعتقدوا أن قراءة الفاتحة جزء من أجزاء ماهية الصلاة، فعند عدم القراءة لا توجد ماهية الصلاة؛ لأن الماهية تمنع حصولها حال عدم بعض أجزائها، وإذا ثبت هذا فقولهم: إنه لا يمكن إدخال حرف النفي على مسمى الصلاة إنما يصح لو ثبت أن الفاتحة ليست جزءا من الصلاة، وهذا [هو] أول المسألة، فثبت أن قولنا: يمكن إجراء هذه اللفظة على أنه متى تعذر العمل بالحقيقة، وحصل للحقيقة مجازان أحدهما: أقرب إلى الحقيقة، والثاني: أبعد؛ فإنه يجب حمل اللفظ على المجاز الأقرب.
إذا ثبت هذا فنقول: المشابهة بين المعدوم، وبين الموجود الذي يكون صحيحا [أتم من المشابهة بين المعدوم وبين الموجود الذي لا يكون صحيحا]، لكنه لا يكون كاملا، فكان حمل هذا اللفظ على نفي الصحة أولى.
الحجة السابعة: عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج "
أي غير تمام، قالوا: الخداج هو النقصان، وذلك لا يدل على عدم الجواز.
قلنا: بل هذا يدل على عدم الجواز؛ لأن التكليف بالصلاة دائم، والأصل في الثابت، البقاء، خالفنا هذا الأصل عند الإتيان بالصلاة على صفة الكمال، فعند الإتيان بها على سبيل النقصان يوجب ألا يخرج عن العهدة، والذي يقوي هذا أن عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - يصح الصوم في يوم العيد إلا أنه قال: لو صام يوم العيد قضاء عن رمضان لم يصح؛ لأن الواجب عليه هو الصوم الكامل، والصوم في هذا اليوم ناقص، فوجب ألا يفيد هذا القضاء الخروج عن العهدة.
وإذا ثبت هذا فنقول: فلم لم يقل بمثل هذا الكلام ها هنا؟
الحجة الثامنة: نقل الشيخ أبو حامد في " تعليقه " عن ابن المنذر أنه روى بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ".
Shafi da ba'a sani ba