Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

Ahmad Farid d. 1450 AH
75

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Nau'ikan

فقه التجارة مع الله إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا. ثم أما بعد: عباد الله! من فقه التجارة مع الله ﷿: أن يتوخى العبد الإخلاص في كل قول وعمل؛ لقول الله ﷿: ﴿أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ [الزمر:٣]، ولقوله ﷿: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البينة:٥]. ولقول النبي ﵌: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه). فكل عمل -عباد الله- كان مشوبًا مغمورًا بإرادة غير الله يجعله الله ﷿ يوم القيامة هباءً منثورًا، ويوم القيامة -عباد الله- يأتي أناس بحسنات أمثال الجبال، فيجعلها الله ﷿ هباءً منثورًا، كما قال ﷿: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان:٢٣]. ومن فقه التجارة مع الله ﷿ عباد الله! ألا يعمل العبد عملًا إلا بنية، فالعبد ينبغي له أن يكون فقيهًا في تجارته، فيتاجر بمباحاته مع الله ﷿؛ لأن النية الصالحة ترفع العمل المباح فتجعله من الطاعات، فالأكل والشرب والسعي على المعاش والمذاكرة للطلاب والنوم وغير ذلك من الأمور المباحة إذا نوى العبد فيها نية صالحة ترتفع إلى درجة الطاعات، كما قال معاذ ﵁: إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. أي: كما يقوم الليل ويحتسب الأجر عند الله ﷿ فإنه ينام كذلك ويحتسب الأجر عند الله ﷿؛ لأنه ينام بنية صالحة، من أجل أن يجم نفسه للعبادات والطاعات، ومن أجل أن يقوم في آخر الليل، أو يقوم لصلاة الفجر وأذكار الصباح، أو للواجبات الشرعية في اليوم التالي، فإذا نوى العبد النية الصالحة في العمل المباح صار من الطاعات والقربات، فيتاجر العبد به مع رب الأرض والسماوات. ومن فقه التجارة مع الله ﷿: أن ينوي العبد في كل عمل نيات كثيرة صالحة؛ لأن ثواب العامل على عمله يكون بمقدار عدد النيات التي يجمعها في عمله؛ لقول النبي ﵌: (وإنما لكل امرئ ما نوى) بعد قوله: (إنما الأعمال بالنيات)، فقوله: (إنما الأعمال بالنيات) أي: أصل قبول العمل وشرطه النية. ثم قال: (وإنما لكل امرئ ما نوى)، وليس هذا تكرارًا للقاعدة الأولى؛ لأن التأسيس أولى من التأكيد، فهو هنا يؤسس قاعدة جديدة، فالجزء الأول من الحديث يدل على أن أصل قبول العمل توفر النية الصالحة، ثم قوله: (وإنما لكل امرئ ما نوى) أي: ثواب العامل على عمله بالنيات الصالحة التي يجمعها في العمل الواحد، فإن من أتى المسجد للصلاة وحدها ليس كمن أتى المسجد من أجل الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولقاء أخ يحبه في الله ﷿ وتفقد مصالح المسلمين وقضاء حاجاتهم، أو كمن أتى للصلاة ونظافة المسجد، أو غير ذلك من النيات الصالحات التي يمكن أن يجمعها العبد في هذا العمل الصالح، فثواب العامل على عمله يزيد بزيادة النيات الصالحات التي يجمعها في العمل الواحد. ولذلك نقول: إن تجارة النيات تجارة العلماء، فالعلماء هم الذين يعرفون كيف يتاجرون، وكيف يربحون على الله ﷿ أعظم الأرباح. قال الإمام الشافعي: كم من عمل صغير تعظمه النية، وكم من عمل كبير تصغره النية، فالعمل قد يكون صغيرًا في ذاته، ولكن العامل يجمع فيه نيات كثيرة فيعظم العمل بذلك، ويزداد ثواب العامل على ذلك. ومن فقه التجارة مع الله ﷿: أن يتأكد العبد أن أحواله وأعماله مطابقة لسنة النبي ﵌؛ لقوله ﵌: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)، أي: مردود على عامله وغير مقبول، ولقوله ﵌: (أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﵌، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار). فكل عمل لا ينظوي تحت الشريعة، ولا تكون شريعة النبي ﷺ حاكمة عليه بالصحة فهو مردود على عامله وغير مقبول. فلا بد أن يتأكد العبد أن العمل مطابق لسنة النبي ﷺ، قال الله ﷿: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف:١٠٣ - ١٠٤]. قال الحسن البصري: فالسنة -والذي لا إله إلا هو- بين الغالي والجافي، فاصبروا عليها رحمكم الله، فإن

8 / 6