192

Lessons of Sheikh Ahmad Fareed

دروس الشيخ أحمد فريد

Nau'ikan

مفهوم الشكر وفضله وطرائفه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا. النصف الثاني من الإيمان عباد الله! هو الشكر، والشكر تعريفه قيل: هو الثناء على المنعم بما أولاكه من معروف، وهو يكون على القلب واللسان والجوارح. فالقلب لمعرفة النعمة، تعرف أن هذه نعمة من عند الله ﷿ لا تنسبها إلى نفسك، ولا ترى أنك تستحق هذه النعمة، كما قال قارون: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي﴾ [القصص:٧٨]، كمن ينعم الله ﷿ عليه بنعمة المال فيقول: هو باجتهادي وهو بذكائي، وما رأى أن الله ﷿ يكتب الرزق لمن يشاء ويقدر، وأن من العباد من يكون أغبى الخلق وتراه كذلك أكثر الناس مالًا، ومنهم من يكون أذكى الناس، ولكن الله ﷿ يقدر له رزقه، كما قال بعضهم: تموت الأسد في الغابات جوعًا ولحم الضأن تأكله الكلاب فينبغي للعبد أن يعرف النعمة، وأن يعترف بأنها نعمة، وأنها من عند الله ﷿، فالقلب لمعرفة النعمة ولمعرفة المنعم بهذه النعمة. واللسان لحمد الله ﷿، والثناء عليه والتحدث بنعمه، كما قال تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:١١]. قال بعضهم: تحدثوا بنعم الله ﷿ فإن التحدث بها شكر، قال ﷿: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:١١]، فالعبد قد يكون ميسور الحال، ولكنه يظهر للناس أنه فقير ومحتاج، وكي تظهر للناس نعمة الله ﷿ عليه ينبغي أن تظهر نعمة الله ﷿ على لسانه وعلى حاله، حتى يعرف الفقراء من الأغنياء فيطلبون حقهم منهم، فاللسان عباد الله! للتحدث بالنعمة ولحمد الله ﷿ وللثناء على الله ﷿، والجوارح لاستعمال النعمة في طاعة الله ﷿، كما قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ:١٣]. قالوا: ما كانت تمر على آل داود ساعة من ليل أو نهار إلا وفيهم عبد مصل لله ﷿ أو ذاكر لله ﷿ (وكان النبي ﷺ يصلي من الليل حتى تتورم ساقاه وحتى تتفطر قدماه فيقال له: أتفعل ذلك وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا)، بل هو بأبي وأمي سيد الشاكرين وسيد الصابرين ﵌. فينبغي للعبد أن يستعمل النعمة في طاعة الله ﷿، كما قال موسى ﵇: ﴿رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ﴾ [القصص:١٧] أي: أن العبد الذي ينعم الله ﷿ عليه بالقوة أو بالمكانة أو بالشفاعة أو بالمال، ينبغي أن يستعمل النعمة في طاعة الله ﷿ ولا يستعملها في معصيته. هناك بند رابع للشكر قل من تنبه له: وهو أن تشكر من أتت النعمة على يديه، فهذا من شكر نعمة الله ﷿ عليك، كما قال النبي ﷺ: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله)، فالنعمة من الله ﷿، ولكن الله تعالى يسوقها إليك عن طريق بعض خلقه، وغالبًا يكون محبًا أو يكون لبيبًا عاقلًا مؤمنًا، فينبغي أن تشكر كذلك من أتت النعمة على يديه! فهذه بنود أربعة للشكر عباد الله.

23 / 8