177

Lessons by Sheikh Nabil Al-Awadi

دروس للشيخ نبيل العوضي

Nau'ikan

نصيحة لمن آثر العزلة السؤال أحد الإخوة يسأل سؤالًا فيقول: ما هي نصيحتك لشاب اعتزل الشباب لوحده، ولا يحضر الدروس، والسبب هو مضايقة بعض الشباب له؟ الجواب أظن أن صاحب السؤال يعرف الجواب، ولكن أذكره بقول النبي ﷺ (الشيطان مع الواحد). أخبركم بقصة عايشتُها مع شاب كان حريصًا على طلب العلم، وكان من شدة حرصه أن زاده الشيطان حرصًا فقال له: اترك الشباب فإنهم يضيعون وقتك بين طلعة وديوانية ومجلس وغيرها من هذه الأنشطة الكثيرة التي تضيع الأوقات، اجلس واعتكف واطلب العلم، فنصحته ألا يقطع نفسه عن الإخوان في الله، وأن يجالسهم لأنهم عون له، يذكرونه إذا نسي، ويعظونه إذا غفل، ويسددونه، وهو مسكين لا يشعر، فجلس لوحده واعتزل وأبى أن ينتصح، مرت به الأيام فتحولت كتب العلم إلى مجلات ثم إلى جرائد ثم إلى تلفزيون ثم إلى فيديو ثم ترك الصلاة. أيها الأخ الكريم! اعرف أنها حيلة من حيل الشيطان (الشيطان مع الواحد) يريدك لوحدك ولو كنت تقرأ فتح الباري لكن تكون لوحدك. ولهذا -أيها الأخ- الرفقة الصالحة تعينك على المنافسة، ثم إنهم يقومونك إن زللت، والمؤمن مرآة أخيه، ثم إن أخطأ عليك الشباب، وإن قصروا في حقك، وإن أساءوا إليك، فقد قال الإمام علي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه: [كدر الجماعة ولا صفو الوحدة] أكون مع الجماعة على كدر وعلى بعض المضايقات، وعلى بعض الأذى، أصبر قال: [ولا صفو الوحدة] ولهذا كان يحذر ﵊ من الوحدة حتى في السفر، قال: (الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب، وقال: وخير الركب أربعة)، (نهى أن يبيت الرجل وحده) لِمَ أيها الإخوة؟ لأن الله جل وعلا يقول: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ﴾ [الكهف:٢٨] كلما اجتمع الإخوة كثرت الرحمة، بل كان يومًا من الأيام في مسير مع أصحابه وقد تفرقوا فجمع الناس وناداهم، فلما اجتمعوا قال: (ما لي أراكم عزين، إن تفرقكم هذا من الشيطان). إذًا أخي الكريم انتبه واعقل واعلم أن إخوانك في الله هم الذين أرشدوك للعلم، وهم الذين وجهوك للكتب، فكيف تتركهم بعد أن دلوك على هذا الطريق؟! فهم المعينون وقت الضيق والشدة، وهم المسددون إذا أخطأت، وهم المنافسون لك في العلم، وإذا كانت هناك بعض المضايقات فتوضح (الدين النصيحة). تقول: يا أخي! لاحظ أنا تضايقت من كلمة قلتها لي، يا فلان صار بيني وبينك موقف ماذا تقصد به؟ وعليك بإحسان الظن لأن بعض الناس لا يتحمل إخوانه، فكل كلمة يسيء فيها الظن عشرين ظنًا، وقال عمر: [لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءً وأنت تجد لها في الخير محملًا]، وقال ابن المبارك ﵀: " المؤمن يتطلب المعاذير " كل ما تكلم أحد أو حدث منه موقف أو زلة، هذا المؤمن يتطلب المعاذير، يقول: لعله كذا، لعله نسي، لعله لا يدري، لعله لا يقصدني، لعله يقصد كذا، يتطلب المعاذير قال: " والمنافق يتطلب العثرات " المنافق يبحث عن الزلات، ويفتش ويبحث عن السقطات وينشرها بين الناس، يقول: هذه صفات المنافق عندنا، أما صفات المؤمن فيتطلب المعاذير، وأحسن الظن بإخوانك، وانصحهم إن كان ولا بد والله أعلم.

9 / 28