فقال متشجعا: ما أعذبك يا مولاي! الحقيقة أن لدي حكاية أود أن تسمعها.
فقال بزهو: لا رغبة لي في ذلك. - يجب أن أتخذ قرارا، وهيهات أن يدرك مغزاه دون سرد الحكاية. - القرار كاف لإدراك مغزى الحكاية.
فقال بقلق: الأمر يحتاج إلى مشاورة. - كلا، إنه قرارك وحدك.
فقال بتوسل: اسمع حكايتي العجيبة.
فقال بهدوئه: كلا، يهمني أمر واحد.
فسأله بلهفة: ما هو يا مولاي؟ - أن تتخذ قرارك من أجل الله وحده.
فقال بحيرة: لذلك أحتاج إلى الرأي.
فقال الشيخ بهدوء حازم: الحكاية حكايتك وحدك، والقرار قرارك وحدك.
14
غادر دار الشيخ موزعا بين الشك واليقين .. كان الشيخ يعرف حكايته وقراره، وكأنه يبارك قراره تحت شرط أن يكون من أجل الله وحده؟! .. ألم يلعب اليأس دورا؟ ألم يلعب الدفاع عن النفس دورا آخر؟ ألم تلعب الرغبة في الانتقام دورا ثالثا؟ ترى هل يهون من شأن التوبة أن تسبق بمعصية؟! .. العبرة بالنية الأخيرة وبالإصرار عليها حتى النهاية .. إنه على أي حال، يدفن جمصة القديم ويبعث آخر جديد .. ولما قر قراره تنهد بارتياح عميق .. وتضاعف نشاطه طيلة الوقت، فزار داره، وجالس رسمية زوجته وأكرمان ابنته، فجاش صدره بعواطف حارة خفية، أشعرته بوحدته أكثر وأكثر .. حتى سنجام تركه لوحدته .. غير أن تصميمه كان نهائيا ولم يعرف التردد .. وواجه أخطر موقف في حياته بشجاعة نادرة وإقدام لا يلوي على شيء .. ورجع إلى مركز عمله فأفرج بقوته الذاتية عن الشيعة والخوارج، في ذهول كامل شمل الجنود والضحايا .. وعند مطلع المساء، مضى من توه إلى دار الإمارة .. أعرض عن النظر إلى الوجوه والأماكن في طريقه، كأنها لم تعد تعنيه .. ورأى أخيرا خليل الهمذاني ينتظر في هدوء وتصميم، فلم يشك في أنه اتخذ قراره أيضا .. ضمهما البهو في وحدة إلا من عذابات البشر المتجمعة وراء الوسائد والطنافس .. وشهود من جميع الأجيال الغابرة .. لم يتبادلا تحية، وسأله الحاكم ببرود: ماذا وراءك؟
Shafi da ba'a sani ba