فسأله فاضل: هل عرفتهم عن قرب؟ - أحيانا يصحبني أبي معه إلى دورهم كمساعد له، فرأيت عن قرب الفضل بن خاقان حاكم حينا، وهيكل الزعفراني كاتم السر، ودرويش عمران كبير الشرطة. - لا يعني هذا أنك عرفتهم. - رجال عظام، واحد فقط انقبض قلبي لمرآه هو حبظلم بظاظا بن درويش عمران، خيل إلي أن به شبها بالشيطان! - هل رأيت الشيطان؟ - لا تسخر منى، ما هو إلا شعور.
تنهد فاضل صنعان قائلا محادثا نفسه: الأوغاد! - كيف أسأت الظن بهم؟ - لا دخان بلا نار!
فتفكر قليلا، ثم قال: الله موجود.
فهتف فاضل: لكننا ضمن أدواته التي يصنع بها الخير أو يمحق الشر!
فنظر إليه في عينيه متسائلا: ماذا تريد يا فاضل؟
فقال بغموض: أطمع أن أجعلك صديقا وزميلا!
9
جلس في حجرة الاستقبال البسيطة بدار البلخي ينتظر دخوله .. إنها أول زيارة يقوم بها في أول الليل .. وكان سمع أباه عجر يروي حكاية عن الشيخ أكربته وأحزنته .. قال: إن درويش عمران كبير الشرطة، خطب الابنة الوحيدة للشيخ لابنه حبظلم بظاظا .. إنها ابنة تقية نقية أخذت العهد عن أبيها، وفائقة الجمال .. وتذكر صورة حبظلم بظاظا الشيطانية وما يقال عن سيرته فاستاء وتضاعف حزنه .. ومضى أبوه في روايته فقال: إن الشيخ شكر واعتذر، ولكن لا شك في أن كبير الشرطة قد غضب، وإذا غضب كبير الشرطة فلا أمان للمغضوب عليه .. وقد سأل أباه: ألا يدرك الشيخ البلخي هذه الحقيقة؟
فأجاب عجر: معروف عن الشيخ أنه لا يخشى إلا الله، ولكن هل يخشى كبير الشرطة الله؟!
وجاء لزيارته بقلب ثقيل بالحزن له .. ولكنه ما كاد يراه مقبلا مشرقا حتى نسي حزنه وأدرك أنه حقا لا يخشى إلا الله. تربع الرجل على شلتة في الصدر، وسأله: ما شعورك وأنت تزورني لأول مرة؟
Shafi da ba'a sani ba