وأنشدت عند
تراكم الأحزان والفكر، أخاطب الليل الطويل، مع ملازمة البكاء والعويل:
يا ليلُ طُلْ أو لا تَطُلْ ... لابُدَّ لي أنْ أسهرَكْ
لو باتَ عندي قَمَري ... ما بتُّ أرعى قَمَرَكْ
ولم أر ليلة أجور منها ولا أظلم، ولا أطول منها ولا أعتم، كأنها من الطول حرون أدهم، وأنا بها مصاب إذ هم بي ما هم:
غابُوا فلمْ أدرِ ما أُلاقِي ... مسٌّ مِن الوَجْدِ أمْ جُنُونُ؟
ليلي لا يبتغي حراكًا ... كأنه أدهم حَرُونُ
ولم أشك أن الدهر كُله (ليل) ليس يبرح، وأن كواكبه مستمرة لا تنتقل ولا تتزحزح، وأن الصبح قد مات فلا يتنفس ولا يتوضح، وأن النهار قد تاه فما له إلي الاستدلال مطمع ولا مطمح:
خليليَّ ما بالُ الدُّجى لا يُزَحْزَحُ ... وما بالُ ضوءِ الصُبحِ لا يتوضَّحُ
أضَلَّ النَّهارُ المُستنيرُ طريقَه ... أم الدَّهر ليلٌ كُلُّه ليس يبرَحُ
وأطلب النَّوم برفق فيأبى مُصاحبة الأجفان، وتدخل العين عليه في الصّلح وما هي عنده بإنسان، فإنه عدم صحة القلب وطيب العيش على السفر، وامتنع من خيط الأجفان وإن كانت الأهداب كالإبر:
قلبِي وعقلِي وطيبُ العيشِ بعدكُمُ ... ثلاثةٌ للنَّوى أمسُوا على السَّفَرِ
أجفانُ عينيَّ ما حيطتْ على سنةٍ ... هذا وقد غَدَتْ الأهدابُ كالإبَرِ
أستُرسل الطيف إذ ذاك محال؛ لأن الطيف على النوم
1 / 37