Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
وألوانهم وخافوا منه خوفا شديدا فدخل عليهم أبو الخير، وقال يا إخواني أين تلك الدعاوى ثم طرد السبع عنهم، وكان إبراهيم الرقي يقول قصدت أبا الخير التيناتي مسلما عليه فصلى المغرب فما قرأ الفاتحة مستويا فقلت في نفسي ضاعت سفرتي فلما سلمت خرجت للطهارة فقصدني السبع فعدت إليه، وقلت له: إن الأسد قصدني فخرج، وصاح عليه، وقال: ألم أقل لك لا تتعرض لضيفاني فتنحى الأسد، ومضيت أنا، وتطهرت فلما رجعت قال لي اشتغلتم بتقويم الظواهر فخفتم الأسد واشتغلنا بتقويم البواطن فخافنا الأسد، وكان يقول: إياك أن تطلب من الله أن يصبرك، ولكن اسأل الله اللطف بك فهو أولى لأن تجرع مرارات الصبر شديد على أمثالنا، ولما هرب السيد زكريا عليه الصلاة والسلام من اليهود، ونادته الشجرة إلي يا زكريا، وانفرجت له، ودخل في جوفها، وانطبقت عليه لحقه العدو، فتعلق بعباءته، وناداهم إن هذا زكريا فأخرجوا المنشار فنشروه مع الشجرة فلما بلغ المنشار إلى زكريا عليه السلام أن منه أنة فأوحى الله إليه يا زكريا، وعزتي، وجلالي لئن صعدت منك أنة ثانية لأمحونك من ديوان النبوة فعض زكريا على الصبر حتى قطع شطرين.
وكان سبب قطع يده أنه عقد مع الله عقدا أن لا يمد يده إلى شيء مما تنبت الأرض بشهوة فنسي، وتناول عنقودا من شجرة البطم فبينما هو يلوكه إذ تذكر العقد فرمى بالعنقود وبقي ما في فمه فبصقه، وجلس نادما قال فما استقر بي الجلوس حتى دار بي فرسان، ورجال وقالوا قم فساقوني إلى أن أخرجوني إلى ساحل بحر الإسكندرية فرأيت هناك أميرا، وبين يديه سودان قد قطعوا الطريق فوجدوني أسود اللون، ومعي ترس، وحربة، وةف فقالوا: هذا منهم بلا شك فقطع أيديهم، وأرجلهم إلى أن وصل إلي فقال لي: قدم يدك فمددتها فقطعها فقال: مد رجلك فمددتها، ثم رفعت رأسي، وقلت إلهي، وسيدي، ومولاي يدي جنت فرجلي ماذا صنعت فدخل عليه فارس، ورمى بنفسه على الأمير وقال: هذا رجل صالح يعرف بأبي الخير التيناتي فرمى الأمير نفسه إلى الأرض، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها، وتعلق بي يبكي، ويعتذر إلي فقلت له: جعلتك في حل من أول ما قطعتها، وقلت: يد جنت فقطعت رضي الله عنهم أجمعين.
ومنهم أبو بكر بن محمد بن علي بن جعفر الكتاني
رضي الله تعالى عنه
أصله من بغداد، وصحب الجنيد، والنوري، وأبا سعيد الخراز، وأقام بمكة، وجاور بها إلى أن مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وكان أحد الأئمة المشار إليهم في علم الطريق، وكان المرتعش رضي الله عنه يقول: الكتاني سراج الحرم.
ومن كلامه رضي الله عنه إذا سألت الله التوفيق فابتدر العمل، وكان يقول: كن في الدنيا ببدنك، وفي الآخرة بقلبك، وكان يقول: روعة عند انتباه من غفلة، وانقطاع عن حظ نفس، وارتعاد من خوف قطيعة أفضل من عبادة الثقلين، ونظر مرة إلى رجل شيخ كبير يسأل الناس، فقال هذا رجل ضيع أمر الله في صغره فضيعه الله في كبره، وكان يقول: إذا صحت مرتبة الافتقار إلى الله تعالى صحت العناية لأنهما حالان لا يتم أحدهما إلا بصاحبه، وكان يقول: الشهرة زمام الشيطان، ومن أخذ بزمام الشيطان كان عنده، وسئل عن السنة التي لم ينازع فيها أحد من أهل العلم فقال الزهد في الدنيا، وسخاوة النفس، ونصيحة الخلق، وسئل عن الزهد في الدنيا ما هو ؟ فقال: هو سرور القلب بفقد الشيء؛ وملازمة تحمل الأذى من جميع الخلائق، وكل شيء أتاه منهم يقول: أنا أستحق أعظم من ذلك، ويرى أنه اسحق النار، وصولح بالرماد.
وقيل له: من العارف؟ فقال: من وافق معروفه في أوامره، ولم يخالفه في شيء من أحواله، ويتحبب إليه بمحبة أوليائه، ولا يفتر عن ذكره طرفة عين، وكان يقول: الصوفية عبيد الظواهر أحرار البواطن، وكان رضي الله عنه يقول: حقائق الحق إذا تجلت لسر أزالت عنه الظنون، والأماني لأن الحق إذا استولى على سر قهره، فلا يبقى لغيره معه أثر، وكان يقول: العلم بالله من أتم العبادة له، وكان يقول: إن الله نظر إلى طائفة من عبيده فلم يرهم أهلا لمعرفته فشغلهم بخدمته، وكان يقول: كنا معاشر الفقراء في بداية أمرنا نصلي إلى الصباح بوضوء العشاء فإذا وقع منا أن أحدا ينام نراه أفضلنا، وكان يهجر الفقير إذا بلغه أنه مشى خطوة في طلب الدنيا، ويقول: هذا خروج عن الطريق. وإنما شأن الفقير أن تتبعه الدنيا، وكان رضي الله عنه يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت:
Shafi 94