Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
عنه: وهذا السكون، والاستقرار، والاطمئنان إذا أضيف إلى العقل، والنفس يقال له علم اليقين، وإذا أضيف إلى الروح الروحاني يقال له عين اليقين، وإذا أضيف إلى القلب الحقيقي يقال له حق اليقين، وإذا أضيف إلى السر الوجودي يقال له حقيقة حق اليقين، ولا تجتمع هذه المراتب كلها إلا في الكامل من الرجال انتهى.
وكان الجنيد رحمه الله تعالى يقول: كثيرا للشبلي رحمه الله تعالى: لا تفش سر الله تعالى بين المحجوبين، وكان رضي الله عنه يقول: لا ينبغي للفقير قرأءة كتب التوحيد الخاص، غلا بين المصدقين لأهل الطريق، أو المسلمين لهم، وإلا يخاف حصول المقت لمن كذبهم، وقد تقدم عن أبي تراب النخشي رضي الله عنه أنه كان يقول في حق المحجوبين من أهل الإنكار: إذا ألف القلب الإعراض عن الله تعالى صحبته الوقيعة في أولياء الله قلت: وذلك لأنه لو كان من المقبلين بقلوبهم على حضرة الله تعالى لشم روائح أهل حضرة ربه، فتأدب معهم، ومدحهم، وأحبهم، وخدم نعالهم حتى يقربوه إلى حضرتهم، ويصير مثلهم، كما هو شأن من يريد التقرب إلى ملوك الدنيا. قلت: ومن هنا أخفي الكاملون من أهل طريق الكلام في مقامات التوحيد الخاص شفقة على عامة المسلمين، ورفقا بالمجادل من المحجوبين، وأدبا مع أصحاب ذلك الكلام من أكابر العارفين.
وكان الجنيد رضي الله عنه لا يتكلم قط في علم التوحيد، إلا في قعر بيته بعد أن يغلق أبواب داره، ويأخذ مفاتيحها تحت وركه ويقول: أتحبون أن يكذب الناس أولياء الله تعالى، وخاصته، ويرمونهم بالزندقة، والكفر، وكان سبب فعله ذلك تكلمهم فيه كما سيأتي آخر هذه المقدمة، فكان بعد ذلك يستتر بالفقه إلى أن مات رضي الله عنه، وكان الشيخ محيي الين رضي الله عنه يقول: من لم يقم بقلبه التصديق لما يسمعه من كلام هذه الطائفة، فلا يجالسهم، فإن مجالستهم من غير تصديق سم قاتل.
وكان سيدي أفضل الدين رحمه الله تعالى يقول: كثير من كلام الصوفية لا يتمشى ظاهره إلا على قواعد المعتزلة، والفلاسفة، فالعاقل لا يبادر إلى الإنكار بمجرد عز وذلك الكلام إليهم، بل ينظر، ويتأمل في أدلتهم التي استندوا إليها فما كل ما قاله الفلاسفة، والمعتزلة في كتبهم يكون باطلا، وإنما حذر بعضهم عن مطالعة كتبهم خوفا من حصول شبهة تقع في قلب الناظر، لا سيما أهل الإنكار والدعاوى.
ورأيت في رسالة سيدي الشيخ محمد المغربي الشاذلي رضي الله عنه ما نصه: اعلم أن طريق القوم مبني على شهود الإثبات، وعلى ما يقرب من طريق المعتزلة في بعض الحالات، وهي حالة شهود غيبة الصفات في شهود وحدة جمال الذات، حتى كأن لا صفات، وهذه الحالة وإن كان غيرها أرفع منها فهي عزيزة المرام شديدة الإيهام موقعة في سوء الظن في السادة الكرام، لشبهها بمذهب المعتزلة، ولا شبهة في تلك الحالة فليتنبه السالك لذلك، وليحذر من الوقيعة في القوم فإنهم من أعظم المهالك، انتهى.
قلت: ومن الأولياء من سد باب الكلام في دقائق كلام القوم حتى مات، وأحال ذلك على السلوك، وقال: من سلك طريقهم اطلع على ما اطلعوا عليه، وذات كما ذاقوا، واستغنى عن كلام الناس وسياتي في ترجمة عبد الله القرشي رضي الله عنه أن أصحابه طلبوا منه أن يسمعهم شيئا من علم الحقائق فقال لهم: كم أصحابي اليوم قالوا ستمائة رجل، فقال الشيخ: اختاروا لكم منه مائة، فاختاروا، فقال: اختاروا من المائة عشرين، فاختاروا فقال: اختاروا من العشرين أربعة، فاختاروا قلت: وكان هؤلاء الأربعة أصحاب كشوفات، ومعارف فقال الشيخ: لو تكلمت عليكم في علم الحقائق، والأسرار لكان أول من يفتي بكفري هؤلاء الأربعة اه؟.
قلت: ولا يجوز أن يعتقد في هؤلاء السادة أنهم زنادقة في الباطن، لكتمهم ما هو متحققون به في الباطن عن العلماء، والعوام، وإنما يجب علينا حملهم على المحامل الحسنة من كوننا جاهلين باصطلاحهم، فإن من لم يدخل حضرتهم لا يعرف حالهم، فما أغلقوا أبوابهم عليهم في حالة تقريرهم للعلم، إلا لكون غور بحر ذلك العلم عميقا على غالب الناس من العماء فضلا عن غيرهم، كما تقدم عن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: أنه كان إذا أتاه سؤال متعلق بالقوم يرسل إلى أبي حمزة البغدادي رضي الله عنه ويقول ما تقول في هذا يا صوفي، ولا يسع العارف أن يتكلم بكلام واحد يعم سائر الناس على اختلاف درجاتهم، لأن ذلك من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم على نزاع في ذلك أيضا فإنه كان يقول: " أمرت أن
Shafi 10