Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
وإذا اضمحل هذا النور ذهبت الكائنات كلها، وبقي هذا الموجود فتارة يفنى، وتارة يبقى حتى إذا أريد به الكمال نودي فيها نداء خفيا لا صوت له فيمد بالفهم عنه إلا أن الذي يشهده غير الله تعالى: ليس من الله في شيء فهناك ينتبه من سكراته فيقول: يا رب أثبتني، وإلا أنا هالك فيعلم يقينا أن هذا البحر لا ينجيه منه إلا الله عز وجل فحينئذ يقال له: إن هذا الموجود هو العقل الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما خلق الله العقل " فأعطى هذا العبد الذل، والانقياد لنور هذا الموجود إذ لا يقدر على حده، وغايته فإذا أمد الله هذا العبد بنور أسمائه قطع ذلك كلمح البصر أو كما شاء الله تعالى: " برفع درجات من نشاء " ثم أمده الله تعالى: بنور الروح الرباني فعرف هذا الموجود فرقي إلى ميدان الروح الرباني فذهب بجميع ما تحلى به هذا العبد، وما تخلى عنه بالضرورة، وبقي كلا موجود ثم أحياه الله بنور صفاته فأدرجه بهذه الحياة في معرفة هذا الموجود الرباني فلما استنشق من مبادئ صفاته كان يقول: هو الله فإذا لحقته العناية الأزلية نادته إلا أن هذا الموجود هو الذي لا يجوز لأحد أن يصفه بصفة، ولا أن يعبر عنه بشيء من صفاته لغير أهله لكن بنور غيره يعرفه فإذا أمده الله بنور سر الروح وجد نفسه جالسا على باب ميدان السر فرفع همته ليعرف هذا الموجود الذي هو السر فعمى عن إدراكه فتلاشت جميع أوصافه كأنه ليس بشيء فإذا أمده الله تعالى بنور ذاته أحياه حياة باقية لا غاية لها فينظر جميع المعلومات بنور هذه الحياة، ووجد نور الحق شائعا في كل شيء لا يشهد غيره فنودي من قريب لا تغتر بالله فإن المحجوب من حجب عن الله بالله إذ محال أن يحجبه غيره، وهناك يحيا حياة استودعها الله تعالى فيه ثم قال يا رب أعوذ بك منك حتى لا أرى غيرك، وهذا هو سبيل الترقي إلى حضرة العلي الأعلى، وهو طريق المحبين الذين هم أبدال الأنبياء عليهم الصلاة، والسلام، وما يعطيه الله تعالى لأحدهم من بعد هذا المنزل لا يقدر أحد أن يصف منه ذرة، والحمد لله على نعمائه، وأما طريق المحبوبين الخاصة بهم فإنه ترق منه إليه به إذ محال أن يتوصل إليه بغيره فأول قدم لهم بلا قدم إذ ألقى عليهم من نور ذاته فغيبهم بين عباده، وحبب إليهم الخلوات، وصغرت لديهم الأعمال الصالحات وعظم عندهم رب الأرضين، والسموات فبينما هم كذلك إذ ألبسهم ثوب العدم فنظروا فإذا هم لا هم ثم أردف عليهم ظلمة غيبتهم عن نظرهم فصار نظرهم عدما لا علة له فانطمست جميع العلل، وزال كل حادث فلا حادث، ولا وجود بل ليس إلا العدم الذي لا علة له فلا معرفة تتعلق به اضمحلت المعلومات وزالت المرسومات زوالا لا علة فيه، وبقي من أشير إليه لا، وصف له ولا صفة، ولا ذات، واضمحلت النعوت، والأسماء، والصفات كذلك فلا اسم له ولا صفة، ولا ذات فهنالك ظهر من لم يزل ظهورا لا علة فيه بل ظهر يسره لذاته في ذاته ظهورا لا أولية له بل نظر من ذاته لذاته في ذاته وهناك يحيا العبد بظهوره حياة لا علة لها وصار أولا في ظهوره لا ظاهرا قبله فوجدت الأشياء بأوصافه، وظهرت بنوره في نوره سبحانه، وتعالى ثم يغطس بعد ذلك في بحر بعد بحر إلى أن يصل إلى بحر السر فإذا دخل بحر السر غرق غرقا لا خروج له منه أبد الآباد فإن شاء الله تعالى بعثه
نائبا عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحيى به عباده، وإن شاء ستره يفعل في ملكه ما يشاء فهذا عنبرة من طريقي الخصوص، والعموم فتنبه. انتهى . ا عن النبي صلى الله عليه وسلم، يحيى به عباده، وإن شاء ستره يفعل في ملكه ما يشاء فهذا عنبرة من طريقي الخصوص، والعموم فتنبه. انتهى.
قلت: وإنما سطرنا لك يا أخي هذه الأمور الخاصة بالمكملين من أهل الله تعالى تشويقا لك إلى مقاماتهم، وفتحا لباب التصديق لهم إذا سمعتهم يذكرون مثل ذلك كما أشرنا إليه في خطبة هذا الكتاب وهذا الكلام لم أجده لغيره من الأولياء إلى وقتي هذا، فسبحان المنعم على من يشاء بما يشاء. والله أعلم.
ومنهم الشيخ سيدي الإمام أحمد أبو العباس المرسي
رضي الله عنه
كان من أكابر العارفين، وكان يقال إنه لم يرث علم الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه غيره، وهو أجل من أخذ عنه الطريق رضي الله عنه، ولم يضع رضي الله عنه شيئا من الكتب.
وكان رضي الله عنه يقول علوم هذه الطائفة علوم تحقيق، وعلوم التحقيق لا تحملها عقول عموم الخلق، وكذلك شيخه أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه لم يضع شيئا، وكان يقول كتبي أصحابي. مات رضي الله عنه سنة ست وثمانين وستمائة. ومن كلامه رضي الله عنه جميع الأنبياء
Shafi 11