151

Lawaqih Anwar

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Mai Buga Littafi

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Shekarar Bugawa

1315 هـ

عهده إنما يقدم بفتحه، ومع هذا فمن فتح عليه منكم فلا يرى نفسه على من لم يفتح عليه، وتأمل يا ولدي إبليس اللعين لما رأى نفسه على آدم عليه السلام، وقال: أنا أقدم منه، وأكثر عبادة ونورا كيف لعنه الله تعالى، وطرده، وكان يقول: يجب على حامل القرآن أن لا يملأ جوفه حراما ولا يلبس حراما فإن فعل ذلك لعنه القرآن من جوفه، وقال: لعنة الله على من لم يجل كلام الله تعالى وكان يقول: من أحب أن يكون ولدي فليحبس نفسه في قمقم الشريعة، وليختم عليها بخاتم الحقيقة وليقتلها بسيف المجاهدة، وتجرع المرارات، ومن رأى أن له عملا سقط من عين ربه، وحرم من ملاحظته وكان يقول: العارف يرى حسناته ذنوبا، ولو آخذه الله تعالى بتقصيره فيها لكان عدلا، وكان يقول: يا أولادي اطلبوا العلم ولا تقفوا، ولا تسأموا فإن الله تعالى قال لسيد المرسلين: " وقل رب زدني علما " فكيف بنا، ونحن مساكين في أضعف حال، وآخر زمان، وسبب طلب الزيادة من العلم إنما هي للأدب يعني اطلب الزيادة من العلم لتزداد معي أدبا على أدبك، وما قدروا الله حق قدره، وكان رضي الله عنه يقول: إذا ألبس مريدا الخرقة اعلم يا ولدي أن صحة هذه الطريق، وقاعدتها، ومجلاها، ومحكمها الجوع فإن أردت السعادة فعليك بالجوع، ولا تأكل إلا على فاقة فإن الجوع يغسل من الجسد موضع إبليس فيا ولدي تريد شربة بلا حمية هذا لا يكون وكان يقول: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بواطنكم بنور الله تعالى فيجد فيها ما يسخط الله تعالى فإن أحببت يا ولدي أن تسمع، وتبصر، وتعقل فع في باطنك الفوائد، ولا تقنع ببوس اليد، إلا بالرياسة، ولا يكمل الفقير إلا إن تكلم بمعاني الحقيقة ذوقا لا نقلا وفعلا لا قولا، وتحلى في باطنه بحلية الاصطفاء بالسر، والمعنى فتغنى، وتكلم بالحكم، ونطق بالمعجم، وبالسر المتكم، واطلع، وحقق فما ينطق إلا صدقا، ولا يتكلم إلا حقا، وعند ذلك يصح له أن يدعو الخلق إلى الله تعالى وكان رضي الله عنه يقول: يا ولد قلبي كن على حذر من الدخلاء والدخيل السوء، وإن عاينت من أخيك عنفا أو حسدا فعاشره بالمعروف.

واحفظ نفسك عنه، وأما صديقك فإن صدقك فاحفظه، وما للمرء يا ولدي إلا أن يكون على حذر من جميع البشر فإنا في آخر زمان، وقد قل النصح حتى لا تكاد تنظر ناصحا، وعاد من توليه سرورا يوليك نكدا، وشرورا، ومن ترفعه يسعى أن يضعك ومن لم تحسن إليه يسيء إليك بل ثم من تحسن إليه يسيء إليك، ومن تشفق عليه يود لو على الرماح رماك أو على الشوك داسك، ومن تنفعه يضرك، ومن توليه معروفا يوليك جفاء، ومن تصله يقطعك ومن تطعمه يحرمك، ومن تقدمه إن استطاع أخرك، ومن تربيه يقول: أنا الذي ربيتك، ومن تخلص له يغشك، ومن تهش له يكش فوا عجبا للدنيا، ولأهلها، وإذا كان النفاق داخلا في أيام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكيف يخلو في قرن سابع فاستعمل يا ولدي الوحدة عن أهل السوء والكسب من أهل الخير، وإن استطعت أن لا تصحب من تتعب في صحبته فافعل فإنك إن صحبته ندمت على صحبته، وقد نصحتك يا ولدي، وأما أهل التمكين في هذا الزمان فقد تركوا أخلاق الأراذل من الناس، وغفروا لهم أفعالهم، وغضوا أبصارهم عن نقائصهم وصموا آذانهم عن سماع أقوالهم وتركوا الكل لله وطلبوا من الله تعالى لأهل هذا الزمان عفوا شاملا، وقابلوا سيئاتهم بالحسنات ومضراتهم بالمسرات والمبرات. قلت: ويشهد لأهل التمكين قوله صلى الله عليه وسلم " ومن لا يمالئكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله ". وفيما فعله أهل التمكين دليل لغلق باب السلوك في هذا الزمان من باب أولى لأن معالجة أهله تشغل الفقير عن مهمات نفسه من غير ثمرة كما هو مشاهد، والله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول: المريد مع شيخه على صورة الميت لا حركة ولا كلام، ولا يقدر أن يتحدث بين يديه إلا بإذنه، ولا يعمل شيئا إلا بإذنه من زواج أو سفر أو خروج أو دخول أو عزلة أو مخالطة أو اشتغال بعلم أو قرآن أو ذكر أو خدمة في الزاوية أو غير ذلك هكذا كانت طريق السلف، والخلف مع أشياخهم فإن الشيخ هو والد السر، ويجب على الولد عدم العقوق لوالده، ولا نعرف للعقوق ضابطا نضبطه به إنما الأمر عام في سائر الأحوال وما جعلوه إلا كالميت بين يدي الغاسل فعليك يا ولدي بطاعة والدك، وقدمه على والد الجسم فإن والد السر أنفع من والد الظهر لأنه يأخذ الولد قطعة حديد جامد فيسبكه، ويذيبه، ويقطره، ويلقي عليه من سر الصنعة سرا فيجعله ذهبا إبريزا فاسمع يا ولدي تنتفع، وكثير من الفقراء صحبوا أشياخهم حتى ماتوا، ولم ينتفعوا لعدم الأدب، وبعضهم مقتوا آه من صدود الرجال، ومن صحبة الأضداد، ومن سماع المريد للمحال وكان رضي الله عنه يقول: أنا موسى عليه السلام في

Shafi 153