147

Lawaqih Anwar

الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار

Mai Buga Littafi

مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر

Shekarar Bugawa

1315 هـ

نفسه، وكثرة صفحه وعفوه وكرم نفسه وعدم منته، وغير ذلك بل هو أحق بالهيبة من السلطان لأنه جليس الحق وربما لا يكون السلطان يصلح لمجالسة الحق لكونه أخذ المرتبة بالسيف أو يكون مبتدعا أو غير ذلك، والله أعلم. وكان رضي الله عنه يقول: الشيخ حكيم المزيد فإذا لم يعمل المريض بقول الحكيم لا يحصل له شفاء، وكان يقول: مذ صرفنا هممنا إليه أغنانا عما سواه إنا لا نعرف قط إبليس اللعين، وكان رضي الله عنه يقول: خلوة الفقير سجادته، وجلوته سره، وسريرته، وكان يقول: يجب على تالي القرآن أن يطهر فمه للتلاوة من اللغط، والنطق الفاحش، ولا يأكل إلا حلالا صرفا قوت الوقت من غير سرف فإن أكل حراما أساء الأدب، ويعطر ثيابه، وبدنه.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يتعطر لذلك حتى كان إذا لمس شيئا يمكث يفوح الطيب منه زمانا، وكان وبيص المسك يلمع من مفرقه صلى الله عليه وسلم، وكان يقول: الغيبة فاكهة القراء، وضيافة الفساق، وبستان الملوك، ومراتع النسوان، ومزابل الأتقياء، وكان رضي الله عنه يقول: يا ولدي لا تودعن كلامي إلا عند من كان منا وأحب أن يسلك طريقنا، ولا تلقه إلا لمحب محق يدخل تحت طينا، وينقاد لنا فإن ذكر الكلام لغير أهله عورة، وكان يقول: طريقتنا هذه ما هي طريق تمليق بل هي طريق تحقيق، وصدق، وتصديق، وموت، وكد، وجهد، وحزم، وكدم، وكسر نفس من غير دعوى، واتضاع، وخضوع، وذلة، وفراسة، ورقوم، وعلوم فيا أولادي إذا عملتم بموعظتي، وعادت إشارتي كلها فيكم كانت إجازتي مطهرة مكملة بالسر، والمعنى فإن المقامات ما هي محجوبة عنكم إلا بكم وكان رضي الله عنه يقول : لا يكون الفقير فقيرا حتى يكون حمالا للأذى من جميع الخلائق إكراما لمن هم عبيده سبحانه وتعالى فلا يؤذي من يؤذيه، ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ولا يشمت بمصيبة، ولا يذكر أحدا بغيبة ورعا عن المحرمات موقوفا عن الشبهات إذا بلى صبر، وإذا قدر غفر غضيض الطرف يعمر الأرض بجسده، والسماء بقلبه طريقه الكظم، والبذل، والإيثار، والعفو، والصفح، والاحتمال لكل من يتحدث فيه بما لا يرضيه، وكان يقول: واغوثاه من أهل هذا الزمان، والله لو كان في العمر مهلة لسكنت في أكم الجبال، وبطون أودية الوحوش فإن الرجل الآن بين هؤلاء الناس في أشد جهاد قلوب شاردة وأحوال مائلة، وشهوات غالبة قد عدموا الصدق في الأحوال، وكيف يقدر الضعيف على صون الروح من عشرتهم، والود لهم وغض بصره عن رؤية عوراتهم ليلا، ونهارا، ويصبر معهم على كل فتنة وشهوة وأذى من غير أن يقابلهم بمثله هذا لا يطيقه إلا الصالحون، وكان رضي الله عنه يقول: كم من واقف في الماء وهو عطشان لهفان أعني إذا لم يحصل له الصدق في طلب مولاه بل عبد ربه على علة فاعملوا بالإخلاص لترووا من ظمأ العطش فإن طريق الله تعالى لا تنال إلا بقتل الأنفس وذبحها بسيف المجاهدة، والمخالفة.

وكان يقول: كيف يدعي أحدكم أنه مريد طريق الله تعالى، وهو ينام وقت الغنائم ووقت فتوح الخزائن ووقت نشر العلوم، وإشهار الرقوم، ووقته تجلي الحي القيوم يا كذابون ما تستحيون من الدعاوي الكاذبة، وهممكم راقدة، وعزائمكم خامدة ما هكذا درج أهل الطريق فالله تعالى يلهم جميع أولادي طريق الفلاح آمين. وكان يقول: ليس الزهد خروج العبد عن الشيء إنما الزهد أن يكون داخلا في إمارته أو صنعته، وقلبه خارج حائل ذاكر فاكر حائر مجاهد مرابط مخمول الذكر مشتغلا بذكر الله عز وجل، وكان رضي الله عنه يقول: يا أولادي قلبي عليكم بشراب القهوة القرقفية واستعمالها فوعزته، وجلاله من صدق منكم، وأخلص لا يمس أحدا إلا نبعت فيه الحكمة، وحصل عنده الشراب، والسكر عن هذه الدار يا أولادي الدنيا كحلقة بين أعين أهل التمكين قوم يمشون إلى الأقطاب، وقوم تأتي إليهم الأقطاب لا أحب من أولادي إلا من أراه يترقى في كل ساعة من مقام إلى مقام فهناك تقر عيني، وهناك يصير ينتفع به يا ولدي إن أردت أن يسمع دعاؤك فاحفظ لسانك عن الكلام في الناس وعن تناول الشبهات يا ولدي إن شككت في قولي فاعمل بما أقول لك، وجرب نفسك شيئا بعد شيء تعرف صدق قولي فمن ثبت ثبت، ومن أطاع أطيع فإذا أطعت مولاك أطاع لك الماء، والنار، والهواء والخطوة، والإنس، والجن.

وكان رضي الله عنه يقول: لا تفيد الخلوة إلا إن كانت بإشارة شيخ، وإلا ففسادها أكثر من صلاحها، وكان يقول: لا يحق لك أن تأمر غيرك إلا إن كانت الشريعة تزكيك بوقوفك على حدودها، وكان يقول: الجسد ثلاثة أقسام قلب، ولسان، وأعضاء فاللسان، والأعضاء، وكل بهما ملائكة،

Shafi 149