Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
ربه ويدخل الخلل في ذكره لنفسه حتى يصير الغالب عليه ذكر ربه وصار كالغافل عن نفسه ثم يغفل عن ذهوله عن نفسه وينسى باستيلاء ذكر ربه عليه جميع الإحساس فيقال اندرج في رؤية مذكوره، ويقال فني عن نفسه ويقال فني بربه، ويقال فني عن فنائه أي غفل عن ذكر غفلته عن نفسه باستيلاء ذكر ربه عليه، وصار ليس يشهد غيره.
وهاهنا يكون مصطلما عن مشاهده مختطفا عن نفسه ممحوا عن جملته فانيا عن كله، وما دام هذا الوصف باقيا فلا تمييز، ولا إخلاص، ولا صدق، وهذا جمع الجمع وعين الوجود، وهذا هو الوصول الذي يرد على أحوال التمييز والتكليف فيحجب عن هذا الوصف بنوع ستر ليفوز بحق الشرع، والمغاليط هاهنا كثيرة، والمحفوظ من رجع إلى أداء أحكام الشريعة، وكان رضي الله عنه يقول: من اشتغل بطلب الدنيا ابتلى بالذل فيها ومن تعامى عن نقائض نفسه طغى وبغى ومن تزين بباطل فهو مغرور. وكان يقول: أنفع العلوم العلم بأحكام العبودية، وأرفع العلوم علم التوحيد وكان يقول: لا يضر مع التواضع بطالة إذا قام بالواجبات والسنن، ولا ينتج مع الكبر عمل مندب، ولا علم مطلوب. وكان يقول: إذا أقامك ثبت، وإذا قمت بنفسك سقطت.
سكن رضي الله عنه طغسونج بلدة بأرض العراق، وبها مات مسنا وقبره بها ظاهر يزار. رضي الله عنه.
ومنهم الشيخ بقاء بن بطو
رضي الله تعالى عنه
هو من أعيان مشايخ العراق، وأكابر الصديقين صاحب الأحوال النفيسة، والمقامات الجليلة، والكرامات الباهرة. وكان الشيخ عبد القادر الجيلي رضي الله عنه يثني عليه كثيرا ويقول: كل المشايخ أعطوا بالكيل إلا الشيخ بقاء بن بطو فإنه أعطى جزافا انتهى إليه علم الأحوال، وكشف موارد الصادرين بنهر الملك، وما يليه وتلمذ له خلائق من الصلحاء، والعلماء وقصد بالزيارات والنذورات.
ومن كلامه رضي الله عنه الفقر تجرد القلب عن العلائق، واستقلاله بالله سبحانه وتعالى وحده، والتخلي من الأملاك أحد أوصاف الفقر لأنها شواغل، وقواطع لكل عبد سكن بقلبه إليها وعلامة صحة التجرد عن الأملاك أن لا يتغير عليه الحال بوجود الأسباب، وعدمها لا في القوة، ولا في الضعف، ولا في السكون، ولا في الانزعاج، ولا تؤثر فيه المهالك فإذا كان كذلك فهو فقير لا يأسره رق الأسباب، ولا يهزه وجودها، ولا يستفزه عدمها فإن ملك فكأن لم يملك، وإن لم يملك فكأن ملك فلا يرى لنفسه في الدنيا، والآخرة مقاما، ولا قدرا، وكما لا يرى لا يطلب وكما لا يطلب، ولا يتمنى فهو مشتغل به واقف بلا طمع لا يسقط بالرد، ولا ينهض بالقبول، ولا يعتقد أن طريقته أفضل من غيرها، وهو موقف رفيع، والأمر فيه دقيق، وما لم يصل العبد إلى ربه عز وجل لا يصل إلى حقيقة هذا الوصف، وكان رضي الله عنه يقول: الفقر وصف كل مستغن عن غيره، ولا يكون العبد صادقا في فقره حتى يخرج عن فقره بانتفاء شهود الفقر، وكان رضي الله عنه يقول: أنصف الناس من نفسك واقبل النصيحة ممن دونك تدرك شرف المنازل.
وكان رضي الله عنه يقول: من لم يجد في نفسه زاجرا فقلبه خراب، وكان يقول: من لم يستغن بالله على نفسه صرعته، وكان يقول: من لم يقم بآداب أهل البداية كيف يستقيم له مقام أهل النهاية وزاره ثلاثة من الفقهاء فصلوا خلفه العشاء فلم يقم القراء كما يريد الفقهاء فساء ظنهم به وباتوا في زاويته فأجنبوا ثلاثتهم، وخرجوا إلى نهر على باب الزاوية فنزلوا فيه يغتسلون فجاء أسد عظيم الخلقة، وبرك على ثيابهم، وكانت ليلة شديدة البرد فأيقنوا بالهلاك فخرج الشيخ من الزاوية فجاء الأسد، وتمرغ على رجليه فاستغفروا الله وتابوا.
سكن رضي الله عنه نانبوس قرية من قرى نهر الملك وبها توفي قريبا من سنة ثلاثة وخمسين وخمسمائة، وقبره بها ظاهر يزار. رضي الله عنه.
ومنهم الشيخ أبو سعيد القلوري
رضي الله عنه
هو من أكابر العارفين، والأئمة المحققين صاحب الأنفاس الصادقة، والأفعال الخارقة، والكرامات، والمعارف، وكان يفتي ببلده، وما حولها، وكان يتكلم بقلورية على علوم الشرائع، والحقائق على كرسي عال، وقصد بالزيارات من سائر أقطار الأرض. ومن كلامه رضي الله عنه من شرط الفقير أن لا يملك شيئا، ولا يملكه شيء وأن يصفو قلبه من كل دنس، ويسلم صدره لكل أحد، وتسمح نفسه بالبذل والإيثار.
كان رضي الله عنه يقول: التصوف التبري مما دون الحق كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام فانهم عدو لي إلا رب العالمين، وكان رضي الله عنه يقول: لا يكمل الصوفي حتى يستتر عن الخلق بلوائح الوجد، وكان يقول: التوحيد غض الطرف عن الأكوان بمشاهدة مكونها سبحانه،
Shafi 125