Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
ولا تيأسوا، واجتمعوا على الذكر، ولا تتفرقوا، وتطهروا عن الذنوب، ولا تتلطخوا، وعن باب مولاكم لا تبرحوا، وكان رضي الله عنه يقول: إذا ابتلى أحدكم ببلية فليحرك أولا لها نفسه فإن لم يخلص منها فليستعن بغيره من الأمراء، وغيرهم فإن لم يخلص فليرجع إلى ربه بالدعاء، والتضرع، والانطراح بين يديه فإن لم يجبه فليصبر حتى ينقطع عنه جميع الأسباب، والحركات، ويبقى روحا فقط لا يرى إلا فعل الحق جل، وعلا فيصير موحدا ضرورة، ويقطع بأن لا فاعل في الحقيقة إلا الله فإذا شهد ذلك تولى أمره الله فعاش في نعمة ولذة فوق لذة ملوك الدنيا لا تشمئز نفسه قط من مقدور قدره الله عليه، وكان رضي الله عنه يقول: إذا مت عن الخلق قيل لك رحمك الله، وأماتك عن هواك فإذا مت عن هواك قيل لك رحمك الله، وأماتك عن إرادتك، ومناك فإذا مت عن إرادتك، ومناك قيل لك رحمك الله وأحياك فحينئذ تحيا حياة طيبة لا موت بعدها، وتغنى غنى لا فقر بعده، وتعطى عطاء لا منع بعده، وتعلم علما لا جهل بعده وتأمن أمنا لا تخاف بعده، وتكون كبريتا أحمر لا يكاد يرى وكان رضي الله عنه يقول: أفن عن الخلق بحكم الله تعالى وعن هواك بأمر الله، وكان رضي الله عنه يقول: إشراك الخواص أن يشركوا إرادتهم بإرادة الحق على وجه السهو، والنسيان وغلبة الحال، والدهشة فيتداركهم الله باليقظة، والتذكير فيرجعوا عن ذلك، ويستغفروا ربهم إذ لا معصوم من هذه الارادة إلا الملائكة كما عصم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وبقية الخلق من الجن، والإنس المكلفين لم يعصموا منها غير أن الأولياء يحفظون عن الهوى، والأبدال عن الإرادة، وكان رضي الله عنه يقول: اخرج عن نفسك، وتنح عنها، وانعزل عن ملكك، وسلم الكل إلى مولاك، وكن بوابه على باب قلبك فأدخل ما يأمرك بإدخاله، وأخرج ما يأمرك بإخراجه، ولا تدخل الهوى قلبك فتهلك، وكان رضي الله عنه يقول: احذر، ولا تركن ، وخف ولا تأمن وفتش، ولا تفعل فتطمئن، ولا تضف إلى نفسك حالا ولا مقالا ولا تدع شيئا من ذلك، ولا تخبر أحدا به فإن الله تعالى كل يوم هو في شأن في تغيير، وتبديل يحول بين المرء، وقلبه فيزلك عما أخبرت به، ويعز لك عما تخيلت ثباته فتخجل عند من أخبرته بذلك بل احفظ ذلك، ولا تعده إلى غيرك فإن كان الثبات، والبقاء فتعلم أنه موهبة فتشكر، واسأل الله التوفيق، وإن كان غير ذلك كان فيه زيادة علم، ومعرفة، ونور، وتيقظ، وتأديب قال تعالى: " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها " " البقرة: 106 " وكان رضي الله عنه يقول: إذا أقامك الله تعالى في حالة فلا تختر غيرها أعلى منها أو أدنى منها. قلت: أما طلب الأدنى فظاهر لاستبداله الأدنى بالذي هو خير منه، وأما في الأعلى فلما يطرق الطالب للعلو من الهوى، والإدلال فالنهي في كلام الشيخ رضي الله عنه لمن لم يخرج عن هوى نفسه أما من خرج عن ذلك فله السؤال في مراتب الترقي عبودية محضة، والله أعلم. وكان رضي الله عنه يقول: إن كنت تريد دخول دار الملك فلا تختر الدخول إلى الدار بالهوى حتى يدخلك إليها جبرا أعني بالجبر أمرا عنيفا متكررا، ولا تقنع بمجرد الأمر بالدخول لجواز أن يكون ذلك بمكر أو خديعة لكن اصبر حتى تجبر على الدخول فتدخل الدار جبرا محضا، وفضلا من الملك فحينئذ لا يعاقبك الملك على فعله، وإنما تتطرق إليك العقوبة من شؤم شرك، وقلة صبرك، وسوء أدبك، وترك الرضا بحالتك التي أقامك الحق فيها ثم إذا دخلت الدار فكن مطرقا غاضا بصرك متأدبا محافظا لما تؤمر به من الخدمة غير طالب للترقي إلى الطبقة الوسطى، ولا إلى الذروة العليا قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: " لا تمدن عينيك " " الحجر: 88 " الآية.
وكان رضي الله عنه يقول: لا تختر جلب النعماء ولا دفع البلوى فإن النعماء واصلة إليك بالقسمة استحليتها أم كرهتها، والبلوى حالة بك، ولو كرهتها ، ودفعتها فسلم لله تعالى في الكل يفعل ما يشاء فإن جاءتك النعماء فاشتغل بالذكر، والشكر، وإن جاءتك البلوى فاشتغل بالصبر، والموافقة، والرضا والتنعم بها، والعدم، والفناء عنها على قدر ما تعطي من الحالات، وتنتقل فيها حتى تصل إلى الرفيق الأعلى، وتقام في مقام من تقدم، ومضى من الصديقين، والشهداء فلا تجزع من البلوى، ولا تقف بدعائك في وجهها، وقربها فليس نارها أعظم من نار جهنم وفي الخبر إن نار جهنم تقول للمؤمن جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي وليس نور المؤمن الذي أطفأ لهب النار إلا الذي صحبه في دار الدنيا وتميز به عمن عصى فليطفئ بهذا النور لهب البلوى فإن البلية لم تأت العبد لتهلكه، وإنما تأتيه لتختبره، وكان رضي الله عنه يقول: لا تشكون لأحد ما نزل بك من ضر كائنا ما كان صديقا أو قريبا، ولا تتهمن ربك قط فيما فعل فيك، ونزل بك من إرادته بل أظهر الخير،
Shafi 111