Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Mai Buga Littafi
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Shekarar Bugawa
1315 هـ
المعرفة على القلب، وكان رضي الله عنه يقول: أرفع العلوم علم الأسماء، والصفات، وإخلاص أعمال الظواهر تصحيح أحوال البواطن، وكان رضي الله عنه يقول: رأيت في بعض أسفاري رجلا يقفز بإحدى رجليه فقلت له: مالك وللسفر مع فقدان الآلة فقال: أمسلم أنت؟ فقلت: نعم فقال: أما تقرأ قوله تعالى: " وحملناهم في البر والبحر " " الإسراء 70 " إذا كان هو الحامل حمل بلا آلة لاستغنائه تعالى عنها، وكان رضي الله عنه يقول: إن كثرة الكلام تنشف الحسنات كما تنشف الأرض بعد الماء رضي الله عنه.
ومنهم أبو صالح سيدي عبد القادر الجيلي
رضي الله تعالى عنه
وهو ابن موسى بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم أجمعين ولد رضي الله عنه سنة سبعين وأربعمائة، وتوفي سنة إحدى وستين وخمسمائة، ودفن ببغداد رضي الله تعالى عنه وقد أفرده الناس بالتآليف، ونحن نذكر إن شاء الله تعالى ملخص ما قالوه مما به نفع، وتأديب للسامع فنقول وبالله التوفيق: كان رضي الله عنه يقول: عثر الحسين الحلاج فلم يكن في زمنه من يأخذ بيده، وأنا لكل من عثر مركوبه من أصحابي، ومريدي ومحبي إلى يوم القيامة آخذ بيده يا هذا فرسي مسرج ورمحي منصوب، وسيفي شاهر وقوسي موتر أحفظك، وأنت غافل، وحكى عن أمه رضي الله عنها، وكان لها قدم في الطريق أنها قالت لما وضعت ولدي عبد القادر كان لا يرضع ثديه في نهار رمضان، ولقد غم على الناس هلال رمضان فأتوني وسألوني عنه فقلت لهم: إنه لم يلتقم اليوم له ثديا ثم اتضح أن ذلك اليوم كان من رمضان، واشتهر ببلدنا في ذلك الوقت أنه ولد للأشراف ولد لا يرضع في نهار رمضان، وكان رضي الله عنه يلبس لباس العلماء، ويتطيلس، ويركب البغلة وترفع الغاشية بين يديه، ويتكلم على كرسي عال، وربما خطا في الهواء خطوات على رؤوس الناس.
ثم يرجع إلى الكرسي، وكان رضي الله عنه يقول: بقيت أياما كثيرة لم أستطعم فيها بطعام فلقيني إنسان أعطاني صرة فيها دراهم فأخذت منها خبزا سميذا، وخبيصا فجلست كله فإذا برقعة مكتوب فيها قال الله تعالى في بعض كتبه المنزلة " إنما جعلت الشهوات لضعفاء خلقي ليستعينوا بها على الطاعات أما الأقوياء فما لهم وللشهوات " فتركت الأكل، وانصرفت.
وكان رضي الله عنه يقول: إنه لترد على الأثقال البهثيرة لو وضعت على الجبال تفسخت فإذا كثرت علي الأثقال وضعت جنبي على الأرض، وتلوت فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ثم أرفع رأسي وقد انفرجت عني تلك الأثقال. وكان رضي الله عنه يقول: قاسيت الأهوال في بدايتي فما تركت هولا إلا ركبته وكان لباسي جبة صوف وعلى رأسي خريقة وكنت أمشي حافيا في الشوك وغيره وكنت أقتات بخرنوب الشوك، وقمامة البقل، وورق الخس من شاطئ النهر، ولم أزل آخذ نفسي بالمجاهدات حتى طرقني من الله تعالى الحال فإذا طرقني صرخت، وهمت على وجهي سواء كنت في صحراء أو بين الناس، وكنت أتظاهر بالتخارس، والجنون، وحملت إلى البيمارستان، وطرقتني مرة الأحوال حتى مت، وجاءوا بالكفن، والغاسل، وجعلوني على المغتسل ليغسلوني ثم سري عني وقمت وقال له رجل مرة كيف الخلاص من العجب فقال رضي الله عنه: من رأى الأشياء من الله، وأنه هو الذي وقفه لعمل الخير، وأخرج نفسه من البين فقد سلم من العجب. وقيل له مرة مالنا لا نرى الذباب يقع على ثيابك فقال: أي شيء يعمل الذباب عندي، وأنا ما عندي شيء من دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة.
وكان رضي الله عنه يقول: أيما امرئ مسلم عبر على باب مدرستي خفف الله عنه العذاب يوم القيامة، وكان رجل يصرخ في قبره، ويصيح حتى آذى الناس فأخبروه به فقال: إنه رآني مرة، ولا بد أن الله تعالى يرحمه لأجل ذلك فمن ذلك الوقت ما سمع له أحد صراخا. وتوضأ رضي الله عنه يوما فبال عليه عصفور فرفع رأسه إليه، وهو طائر فوقع ميتا فغسل الثوب ثم باعه، وتصدق بثمنه، وقال هذا بهذا، وكان رضي الله عنه يقول: يا رب كيف أهدي إليك روحي، وقد صح بالبرهان أن الكل لك وكان رضي الله عنه يتكلم في ثلاثة عشر علما، وكانوا يقرءون عليه في مدرسته درسا من التفسير، ودرسا من الحديث ودرسا من المذهب، ودرسا من الخلاف، وكانوا يقرءون عليه طرفي النهار التفسير، وعلوم الحديث، والمذهب، والخلاف، والأصول، والنحو وكان رضي الله عنه يقرأ القرآن بالقراءات، بعد الظهر.
وكان يفتي على مذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما، وكانت فتواه تعرض على العلماء بالعراق
Shafi 108