بهذه الصناعة وهو بالجملة ينقسم اولا الى قسمين احدهما يقال فيه كيف تحفظ الصحة والاخر كيف تبطل الاستعدادات للامراض المتكونة في الابدان الصحيحة وكان هذا الجزء هو وسط بين حفظ الصحة وازالة الامراص وهذه الصناعة انما في قدرتها ان تحفظ ابداننا من الفساد الداخل عليها بالعرض وذلك يكون في الاكثر من تولد فضول الاغذية في ابداننا فانه من البين بنفسه انه ليس باي تدبير اتفق ولا باي اغذية اتفقت تكون سلامة ابداننا على حال واحدة وهذا هو احد الاصول الموضوعة في هذه الصناعة والا لم تكن صناعة فاعلة فاما مقدار ما تبلغ من ذلك فهوالمقدار الذي يبلغه الصنايع التي غاياتها ممكن عن الاكثر حصولها واعني بذلك حصولها لاكثر موضوعاتها في اكثر الازمنة مثال ذلك ان التدبير الذي يصفه جالينوس للمعتدل المزاج هو تدبير في الاكثر يبلغ به من مزاجه ذلك المزاج اقصى ما في طباعه ان يبلغه من العمر فان الهرم الطبيعي وهو الذي يكون باستيلاء البرد واليبس لا تاثير لهذه الصناعة فيه والا امكن ان يكون ناس خالدين وهذا كله بين بنفسه والسبب في ان غاية هذه الصناعة قد يحل وجودها في موضوعها على الاقل هو السبب فيما يشبهها من الصنايع الممكنة كقيادة الجيوش والملاحة وذلك ليس اكثر من الاستعدادات الهيولانية بانه غير ممتنع ان يتوهم شخصين معتدلي المزاج قد تدبرا تدبيرا واحدا احدهما بلغ بذلك التدبير اقصى ما في طباعه ان يبلغه من العمر والاخر وتولدت عن ذلك التدبير فيه اخلاط ردية فقتلته وذلك من رداة استعداد في مزاجه بتولد تلك الاخلاط وان كان لم يظهر لنا ذلك الاستعداد لان رب استعداد في الطباع ليس عليه علامة ولا دليل اذ كانت الاستعدادات غير متناهية ومن يرى ان ذلك التدبير الذي يصفه جالينوس لذلك المزاج يبلغ به ضرورة صاحبه اكلاء العمر فهو جاهل بجهة حصول غاية هذه الصناعة عن افعالها على ما نرى ذلك يعتقده عوام الاطباء ومن هذا قيل ان الاجال بقدر وكذلك ايضا ليس يمتنع ان يكون انسان مزاجه هذا المزاج بغير هذا التدبير ويبلغ من عمره الغاية التي يبلغها من يتدبر التدبير الكثير التخليط لكن هذا كله في الاقل وبالعرض ولذلك ليس يخل هذا بالصناعة ولا يسقط فائدتها وكثير من الناس يتفق لهم ان تكون شهواتهم ومهنهم موافقة لطبائعهم فتطول اعمارهم وربما كان الامر بالعكس. ومن نسب الامراض الى ما يوجد عن الاحتياز وعن الاشياء التي من خارج فقد نسبها الى نصف اسبابها اذ كانت هذه الاشياء منزلتها منزلة الاسباب الفاعلة لكن لموضع شهرة هذا السبب تكاد الاطباء ان تنسب جميع ما يطرا من الامراض/ والافات العارضة اليه وان طرا امر لم يتقدمه تدبير رديء تحيروا وقالوا ان ذلك بامر الاهي وذلك جهل منهم ضرورة. واذ قد قلنا في مقدار ما تفيده هذه الصناعة فلنرجع الى حيت كنا من تعديد الاسباب المدخلة علينا الفساد بالعرض التي يمكننا بهذه الصناعة التحرز منها وتلك هي الاسباب الفاعلة فقط ومن هذه ما كان وجه التحرز منها غير بين بنفسه لان تحرز الانسان من حرق النار وقطع السيف ورض الحجر ليس يحتاج في ذلك الى صناعة اذ كان ما هو من ذلك الى اختيارنا فالتحرز منه بين بنفسه وما لم يكن من ذلك لاختيارنا فلا تاثير لنا فيه فنقول ومن الاشياء المدخلة علينا الفساد بالعرض تغير الاهوية والرياضة الغير ملائمة مثل الصنائع الصعبة التناول والعوارض النفسانية مثل الغضب والفزع وبالجملة جميع الاشياء التي تكتسب سوء المزاج المادي والغير مادي. ولما كانت هذه الاشياء هي التي تدخل علينا الفساد العرضي كانت هي باعيانها هي التي تلتيم اما بالتحفظ منها او باتيان الوسط فيها ان كان مما له وسط حفظ الصحة ولذلك ليس تلتيم حفظ الصحة لشيء سوى استعمال الاطعمة المعتدلة الكيموس مقدرة الكمية والوقت والوضع واستفراغ الفضول واصلاح الاهوية وتجنب العوارض النفسانية المكسبة سوء المزاج واملك هذه هو استعمال الاغذية على القانون الطبي واستفراغ الفضول وهذه هي التي القول فيها اكثر في هذه الصناعة والفضول تستفرغ بالرياضة والدلك والاستحمام وقد تستفرغ بالادوية وبخاصة الامزجة الغير معتدلة وفي جنس الحفظ الذي هو التوقي مما شانه ان يحدث ولذلك قد ينبغي اولا ان نقول ها هنا في انواع الدلك وافاعله وانواع الرياضة وافاعلها ثم نسير بعد ذلك الى كيف يحفظ مزاج مزاج من الامزجة التسعة. فاما قوى الادوية فقد تلخص فيما قبل والذي بقي ها هنا من امرها ان يقال كيف تحفظ بها الصحة وكذلك الامر في الاغذية قد قيل ايضا في قواها والذي بقي ها هنا القول فيه كيف تستعمل ومتى تستعمل. ولنبدا من القول في الرياضة فنقول ان الرياضة بالجملة هي حركة الاعضاء بارادة ما وذلك اولا للاعضاء التي شانها ان تتحرك بهذه الحركة وهي جميع الاعضاء التي لها حركة ارادية وثانيا للاعضاء التي تجاور هذه وهي الاوردة والات الغذاء ولما كانت الرياضيات هي حركات الاعضاء كان منها جزئيا وكليا وذلك ان منها ما هي رياضة لجميع البدن وهي الحركة الكلية النقلية لجميع الحيوان. ومنها ما هي رياضة مخصوصة بعضو ما مثل ان الصوت رياضة الرئة والقيام والقعود رياضة للصلب ولن يخفى على من كان عالما بحركة الاعضاء اي رياضة يخص عضوا عضوا فهذا احد ما تنقسم اليه الرياضة من جهة الاعضاء انفسها والرياضة منها قوية ومنها ضعيفة وكل واحد من هذين اما ان يكون عن نقلة المرتاض اعضاوه فقط وهذه يوجد فيها السريعة والبطيئة واما ان تكون مقاومة بينه وبين محرك اخر كمن يثبت في مكان ويامر غيره ان ينزعه منه ومن هذا النوع اشالة الحجر وغير ذلك وهذا ليس يوجد فيها السرعة والبطيء وربما اجتمعت في الرياضة السرعة مع القوة كالذين يطفرون بالحراب. والرياضة المعتدلة فعلها بالجملة تنمية الروح الغريزي ودفع الفضول عن الات الغذاء وتحليلها وتصليب الاعضاء انفسها وهي في هذا المعنى افضل شيء ينمى به الحرارة وذلك ان الحرارة التي تنمي بها هي من ذات الحرارة الغريزية واما ما عداها من الاشياء التي تنمي الحرارة من خارج مثل الادوية ولقاء الاشياء المسخنة بالفعل فكانها حرارة عرضية وهذه متى استعملت بعد كمال الهضم نفعت هذه المنفعة التي ذكرنا. واما متى استعملت والغذاء غير منهضم لن يومن عن استفراغ الاعضاء انفسها ان تجتذب الغذاء اليها غير منهضم وان تخل الحركة ايضا بالقوى الماسكة التي فيها فتدفعه غير منهضم وبالجملة فالقوة الهاضمة انما يكمل فعلها بالسكون كما ان القوة الدافعة انما يكمل فعلها بالحركة/ ولهذا كان وقت الرياضة هذا الوقت وعلامة هذا الوقت ان يكون البول منصبغا اترجيا لا شديد الحمرة ومقداره في القوة هو ان يبتدي البدن يعرق والنفس يتصاعد واما الرياضة القوية فانها تستفرغ من البدن اكثر مما يحتاج اليه فهي بذلك تضعف كما نرى ذلك في اصحاب المهن القوية. واما الضعيفة فانها لا تستفرغ كلما يجب استفراغه فلذلك كانت زائدة في الاعضاء مسمنة للابدان. واما ان الرياضة بالجملة فصحة عظيمة وانها اثر من عدم الرياضة فذلك بين من حال المقصورين في السجون فانها تصفر وجوههم وتفسد سحنتهم وتختل افعالهم الطبيعية كلها وليس يظهر هذا في الانسان فقط بل وفي جميع الحيوانات المقصورة كالطيور في الاقفاص وغير ذلك فهذا هو القول في الرياضة وجميع افعالها القول في التدلك واما التدلك فان له ايضا فعلا ظاهرا في استفراغ الفضول التي في الهضم الاخير وهو الهضم الذي يكون في الاعضاء انفسها واصناف الدلك البسيطة بالجملة ستة اصناف ثلاثة من قبل الكيفية وثلاثة من قبل الكمية فالثلاثة التي هي من قبل الكيفية احدها هو الصلب والثاني اللين والثالث المعتدل والثلاثة التي من قبل الكمية احدها الكثير والثاني القليل والثالث المعتدل فاما فعل التدلك الصلب في الابدان فهو تكثيف مسامها وتصليبها واما فعل اللين فهو تفتيح المسام وارخاء اللحم واما فعل المعتدل فمتوسط بين هذين الفعلين. واما الدلك الكثير ففعله في الابدان تغضيبها وتهزيلها واما المعتدل ففعله فيها تنمية اللحم باعتدال. واما القليل فليس له فيها كثير تاثير سوى انه يسخن اسخانا يسيرا فهذه افعال صنوف الدلك البسيطة ولن يخفى عليك المركبة من ذلك ان الدلك الصلب المعتدل يربي لحما صلبا واللين المعتدل يربي لحما رخوا والمعتدل فيها معا يربي لحما معتدلا في الجهتين معا. فاما اوقات استعمال الدلك فهي اوقات استعمال الرياضة وسنذكر فيما بعد ترتيب اصناف الدلك مع اصناف الرياضة. ولان الاستحمام ايضا احد ما تستفرغ به الفضول فلننظرايضافي قوة اجزائه وافعاله فنقول ان الحمام يفعل افاعيل متضادة كثيرة اولا وثوانيا وثوالث وذلك انه يرطب وييبس ويبرد ويسخن ويستفرغ الفضول التي في المسام وتحت الجلد وقد يسددها وهو ايضا يحلل الروح ويذهب النفخ ويعد الابدان للغذاء ولذلك ربما حرك الشهوة ويصب المواد ايضا من عضو الى عضو ويذوبها ويسكن الاوجاع ويهيجها والسبب في هذه الافاعيل المتضادة هو احد ثلاثة اشياء اختلاف اجزائه والثاني اختلاف الموضوعات التي يفعل فيها اعني الاجسام والثالث اختلاف مدد الاقامة فيه في القصر والطول. اما اجزاؤه فهي الماء الحار والهواء الحار وهي ايضا تستعمل فيه علي مراتب. فالماء المعتدل في السخونة والبرودة يفيد البدن رطوبة ويحلل قليل تحليل يبلغ به ان يجلو الوضح الذي يكون على ظاهر الجلد. واما الهواء الذي في طبيعة هذا الماء فان الجسم فيه يعرق ادنى عرق ويستفرغ به رقيق العضول وهذه هي طبيعة البيت الاول من بيوت الحمام فان الهواء وان كان في نفسه ارطب من الماء على ما تبين في غير هذا الموضع فانه ليس يرطب الابدان كترطيب الماء لها وذلك لانه لا يلزمها كما يلزمها الماء بل الهواء ييبس وبخاصة كلما كان احر واما الماء الحار والهواء الحار الكير فانهما يسخنان الابدان ويستفرغان فضولهما ويستفرغان ايضا مع الفصول الارواح. والهواء كما قلنا مع هذا ييبس وهما انما يفعلان هذه الافعال في الابدان النقية واما في الابدان المملوءة فضولا فانهما يسددان مسام الجلد لكثرة الفضول لانهما تبادر الى الخروج فلا تسع على المسام فيصيب عن ذلك قشعريرة ويذوب الاخلاض وينصب من عضو الى عضو ولهذا كله ليس ينبغي ان يستعمل الحمام من في عضو من اعضائه امتلاء والبيت الثالث في هذه الافاعيل هو اكثر من البيت الوسط وهو ايضا انما يشفي من الاوجاع ما ليس يكون/ سببها مواد منصبة كالاورام وغير ذلك وتبريد الحمام ايضا يكون بالذات ويكون بالعرض اما التبريد الذي بالعرض فبتفتيحه المسام واستفراغه الفضول اللذاعة واما الذي بالذات فباستعمال الماء البارد فيه وذلك ان الماء البارد هو ايضا احد اجزاء الحمام وكانه انما هو اله هاهناعلى جهة الاصلاح لما اخلت به الحرارة من تليين وارخاء الاعضاء وتبريد الحرارة الغريزية على جهة ما تستعمل البرودة كتير من الصنائع كصناعة الحدادة والطبخ وغير ذلك فان هذه كلها تستعمل البرودة على القصد الثاني وما الذي احتاج ان احتج في ذلك باستعمال الصنائع لها والطبيعة في ذلك اقدم استعمالا لها. واما البارد انما يستعمل في الحمام باخره وبعد استفراغ الفضول والحمام اذا استعملت فيه جميع اجزائه الابدان النقية فعل افاعيل جيدة متضادة منها انه يحلل الفضول ويستفرغها من غير ان يخل بالقوى ويلين الاعضاء من غير ان يرخيها ويرطبها من غير ان يسخنها ويبردها من غير ان يكثفها وهذا كله انما يتم باستعمال الجزء الحار فيه والبارد. ولما لحظ قوم من افعال الحمام افعاله الردية ذموه ولم يعلموا انه ان استعملت جميع اجزائه الابدان النقية لم يلحق عنها فعل ردي اصلا واما النوم فان فعله الانضاج والترطيب والسهر فعله التحليل والاستفراغ واذكاء الحرارة الغريزية ولذلك اذا افرط النوم اطفأ الحرارة الغريزية ورهل الاجسام وان افرط السهر ايضا يبس الاجسام وحلل الحرارة الغريزية واشعل العرضية فهذا هو القول في طبيعة الاشياء التي كان يجب ها هنا تقديمها قبل القول في صحة مزاج مزاج من الامزجة التسعة ونبدأ من ذلك بالمزاج المعتدل اذ كان ليس يكاد يحتاج في تدبيره اكثر من تقدير الاغذية واستعمال الرياضة والدلك والاستحمام وتقدير النوم واليقظة والافعال النفسانية والاقامة في الهواء المعتدل واما حاجة مثل هذا المزاج الى الادوية فاما ان لا يحتاج اليها اصلا واما ان احتاج فحاجة قليلة وجالينوس يرى ان من مزاجه مثل هذا المزاج ليس يحتاج في حفظ صحته الى استعمال دواء اصلا لكن ما يشترط هو في تدبيره من الرياضة والدلك والاستحمام يكاد ان يكون ممتنعا لمن يرى ان الغاية القصوى للانسان هي ان يكون صحيحا ويكون مع هذا في غاية الحرية والثروة فضلا عمن يرى ان صحة الانسان انما هي من اجل افاعيل اخر من افاعيل النفس مع عوق امور كثيرة من الاشياء الضرورية عن ذلك ولكن على الجملة فقد ينبغي ان نذكر ما قاله في ذلك بايجاز ليكون ذلك في اذهاننا كالقانون ويستعمل من ذلك كل انسان ما ليس يعوقه عن غرضه الاهم وما يقدر عليه من ذلك بحسب الامور الضرورية فنقول ان جالينوس يرى في تدبير هولاء اول ما يولدون ان ينثر على ابدانهم ملحا لانهم محتاجون الى تصليب ابدانهم لما يلقاهم من الاشياء التي من خارج. والاصوب عندي ان يعرض من الملح ما ليس فيه لذع. قال ابو مروان بن زهر دهن البلوط يفعل هذا الفعل من غير ان يلذع ويكون غذاء هذا الطفل اللبن فقط الى ان تطلع اسنانه فاذا طلعت درج في الاغذية الرطبة شيئا فشيئا وذلك ان اللبن شبيها بمزاج الطفل والغذاء كما قيل ينبغي ان يكون شبيها وايضا فانه الغذاء الذي اعدته الطبيعة لذلك وهذا بعد ان تكون المرأة المرضعة متحفظة في الغذاء مرتاضة فتجنبة للجماع فان الجماع يثور دم الحيض ويغير رائحة اللبن ثم يحم هذا الطفل كل يوم في الماء الفاتر في هواء معتدل لئلا يقشعر جسمه عند خروجه من الماء وجالينوس يرى ان يكون ذلك في الحمام وانا ارى ان الهواء اذا كان معتدلا فلا حاجة بهم الى الحمام والاستحمام لهم ينبغي ان يتوخى به خلو معدهم من اللبن لان لا ينتشر الغذاء في اعضائهم غير منهضم وذلك يكون في اثر اطول نوم يناموه واما الرياضة فحسبهم منها تحريكهم في المهود وما اشبهها مما يسكن بكاءهم ولذلك ما ينبغي للداية ان تعنى اكثر العناية الا تدخل عليهم ما يحزنهم فتنحرف/ امزجتهم وتمنعهم من الحزن ما استطاعت بان تركن على السبب المحزن لهم سريعا فترفعه فان الاطفال كثيرا ما يتاذون بالحر والبرد والاوساخ وغير ذلك من الاشياء التي من خارج. واستعمال الالحان ايضا معهم مما يحسن اخلاقهم ويبسطها فهكذا ينبغي ان يكون تدبير الاطفال الى ان يقووا على المشي وذلك في السنة الثالثة فاذا فعلوا ذلك اخذوا في الرياضة كل يوم عند قيامهم من النوم ثم دلكوا واستحموا وتناولوا اغذيتهم مقدرة الكمية والكيفية والوضع كما نقول بعد. فاذا كان ايضا اخر النهار وطلبوا الغذاء فعل بهم ذلك الفعل وينبغي ان تكون رياضتهم رياضة لا تبلغ ان تيبس ابدانهم فتمنعها من النمو ولا يكون استحمامهم الا بالماء الفاتر فقط لهذه العلة بعينها فان الماء البارد ايضا يمنع النمو وهكذا يكون تدبيرهم لثلاث الاسابيع والانبذة الزبيبية وما يقوم بالجملة مقام الخمور من اضر شيء للاطفال لانها تملك رووسهم وتحمي ابدانهم وتفسد افكارهم واما اذا صاروا في سن الشباب فانهم ينتفعون بها لانهم حينئذ تتميز فيهم المرتان الصفراء والسوداء بجملة جوهرها وتخرج الصفراء بالبول وتلين الطبيعة وايضا فان الانبذة ترطب الاعضاء التي عرض لهم فيها يبس فهذه حاجة الشباب الى الانبذة فقط اذ كانوا موفرين الحرارة واما الشيوخ فحاجتهم اليها جمة المنافع كما سنقول فيما بعد. ولتكن بالجملة اغذية الفتيان لطيفة واوفق الاشياء لهم الفراريج بلباب الخبز المحكم الصنعة وينبغي ان يودبوا على ان لا ياكلوا البقول ولا الفواكه الرطبة وبالجملة الا تكون سيرتهم سيرة البهائم في المطعم والمشرب وذلك مع ما ياخذون به من التعلم فاني احسب من مزاجه هذا المزاج هو معد للحكمة بالطبع فاذا جاوز الفتيان الثلاثة الاسابيع فيكون تدبيرهم على هذه الجهة اذا كمل فعل الهضم في ابدانهم واية ذلك ان يكون الما منصبغا انصباغا معتدلا لا بالشديد الصفرة ولا بالابيض فحينئذ ينبغي ان يلقى عنهم اثوابهم تم يمرخون بالزيت العذب تمريخا لينا رخوا من غير تصليب وهذا التمريخ المقصود به اعداد البدن للرياضة فانه لا يومن اذا شرع في الرياضة قبل هذا الفعل ان تكون المسام متكاثفة فتبادر الفضول ان تخرج بمرة فتنسد المسام والمقصد بالزيت في التمريخ امور منها انه يحلل الفضول ويرخي الكثافة ويجعل مر الاكف على الابدان سهل الجرية حتى لا يلحق الابدان عن الاكف رض وهذا التمريخ ينبغي ان يكون من فوق الى اسفل ومن اسفل الى فوق ومن اليمين الى الشمال ومؤربا وذلك ان هذه الافعال تفتح افواه المسام في جميع الجهات. والموضع الذي ينبغي ان يلقى فيه عن هذا الفتى ثيابه ينبغي ان يكون هواه شبيها بهواء الربيع في البلاد المعتدلة واحسبني لا حاجة بي ها هنا ان اقول في البلاد المعتدلة فان هذا ليس يمكن ان يولد في غير البلاد المعتدلة فان كان الهواء كما قلنا ربيعيا فليس ينبغي ان يغير منه شيء وان كان الهواء شتاء فينبغي ان يسخن الموضع الذي يتجرد فيه تسخينا يسيرا وكذلك ان كان صيفا فينبغي ان يبرد حتى يصير في طبيعة هواء الربيع فان الهواء البارد ليس يبلغ فيه من استفراغ الفضول الى ما يراد كما ان الحر يستفرغ فيه اكثر مما يحتاج اليه فلهذا ما اخترنا ان يكون الهواء الذي يتجرد فيه هذا الفتى بهذه الصفة ثم من بعد هذا التمريخ يشرع في الرياضة ولياخذ منها اعدلها في القوة والضعف والسرعة والبطء كاللعب بالكرة الصغيرة وما اشبه ذلك ويمضي فيها حتى يعلو نفسه ويبتديء يعرق جسمه فحينئذ فليقطعها ويصير الى السكون قبل ان يظهر في لون وجهه تغير ويبتديء الانتفاخ الذي عرض في اعضائه عن الرياضة يتحلل وبالجملة ان تنقص لفعاله وحركاته وهذا المقدار في شخص شخص كما يقول جالينوس انما يعرفه الرايض في يوم ثاني وثالث فان وقع في شيء من هذا غلط تدورك في اليوم الثاني مثل انه ان كانت رياضته اشد مما ينبغي استعمل في اليوم الثاني اكثر ذلك التسكين في الرياضة فاذا فرغوا من/ الرياضة فليستعملوا حبس النفس فان عندما يضبط النفس تعود الحرارة الغريزية فتفتح المسام وتبذرن الفضول عنها بمنزلة الذين اذا ارادوا ان يوسعوا ثقب شيء نفخوا فيه وهذا الامساك ينبغي ان يكون مع مد عضل الصدر والحجاب وقليل مد عضل البطن فان بهذا الفعل تندفع فضول الرية والصدر الى اسفل اعني الى اعضاء الغذاء ثم بتمديد الحجاب وعضل البطن لاعضاء الغذاء تتعصر ايضا اعضاء الغذاء من الفضول التي فيها وينبغي ان يتوقى من حبس النفس ان يكون الحجاب مسترخيا فان الفضول حينئذ ترقى الى الدماغ بمنزلة الذين ينفخون في المزامير فان هولاء يظهر من امرهم ان تحمر وجوههم وتنتفخ اوداجهم وذلك من حركة الاخلاط الى رؤسهم ثم من بعد هذا يستعمل من الدلك الذي يكون الى الصلابة مع الكثرة وذلك ان الغرض من هذا الدلك غرضان احدهما تنقية بقايا الفضول التي بقيت تحت الجلد من الرياضة والغرض الثاني تصليب البدن وتكثيفه واعداده لان لا يتاثر عن الاشياء التي من خارج ويستعمل في هذا التدلك الرياضة التي تسمى التسكين من الامتداد مع الرايض والالتواء عليه ومد يديه وذراعيه وغير ذلك مما جرت به عادة الرواض ان يفعلوه لكن تكون هذه الافعال منقطعة مع سكون بينهما غير متواترة ويكون هذا الدلك في غاية السرعة حتي لو امكن كما يقول جالينوس ان يلقى الجسم كله اكف تغطيه في هذا الفعل حتى يكون تحلله بالسواء وفي زمن واحد وهذا التدلك ايضا انما يكون بالزيت العذب ثم من بعد هذا هل ينبغي ان يستحم ام لا اما جالينوس فانه يرى انه لا حاجة به الى الاستحمام الا من جهة الغبار ان كان ارتاض في موضع غبار ومن جهة الدهن ولذلك ليس يحتاج هذا الى استعمال هواء الحمام اصلا وينبغي ايضا اذا صار الفتيان الذين في مزاجهم هذا المزاج الى هذا الاسبوع الرابع ان يعودوا الاستحمام بالماء الفاتر فان ذلك يصلب من اعضائهم ما ارخت الرياضة ويقل عطشهم باثر الرياضة. وبالجملة ترجع الحرارة المنتشرة بالرياضة الى عمق البدن فتفعل كلما يجب ان تفعله وكان استعمال الماء البارد ها هنا على جهة التعديل لما لحق عن الرياضة من الافعال الغير مقصودة كما يستعمل الماء البارد في الحمام اذا احتيج الى ذلك وينبغي ان يكون هذا الماء لا يبرد مياه الثلوج ولا ايضا يكون قليل البرد لان الاول ينكأ الاعضاء والثاني لا يفعل ما يراد منه ويجب ان يكون انغماسه فيه دفعة واما هل يغمس راسه في الماء البارد ففيه نظر وجالينوس اطلق القول في ذلك اطلاقا وانما قلنا ذلك لان الراس هو العضو البارد بالطبع ولذلك الاولى عندي الا يفعل ذلك ثم من بعد هذا كله يتغذى غذاء موافقا في الكيفية والكمية اصلح الاغذية لهم لحوم الدجاج مع الخبز المحكم الصنعة في الخمير والطبخ ثم يتلوا ذلك لحوم الجداء ثم لحوم في الظان صالح لهم وكذلك لحوم العجاجيل ويفعلون هذا الفعل اثر كل هضم فمن يرى انهم يغذون في النهار مربين فسيرتاضون ايضا مرتين ويستحمون مرة بالغدو ومرة بالعشي وقد قال جالينوس ان بعضهم كان يرى ان بفعل بهم ذلك في النهار ثلاث مرات وهذا انما يتفق مع تقسيم غذائهم عليهم الا ان ابدان الفتيان قوية وهصومهم حسنة فما حاجتنا الى تقسيم الغذاء عليهم الى ثلاث اوقات وانما يصنع ذلك بالشيوخ الهرم ولذلك راى الحدث من الاطباء ان اعدل اوقات الغذاء للمزاج المعتدل ثلاث اكلات في يومين وعلى هذا تكون رياضتهم واستحمامهم ثلاث مرات في يومين واما الجماع فينبغي ان يستعملوه بقصد ومن حيث لا يلحقهم منه في اثره كسل ولا نصب ولا ضعف ولا بالجملة حال غير طبيعية وانما كان ولا بد ضروريا استعمال الجماع من اجل ان المني فضلة اعدتها الطباع للدفع كساير الفضلات لكنها شريفة في نفسها ولذلك يقع عن ادني غلط في استعراضها ضرر كبير وقد منع قوم ممن يروم حفظ الصحة من الجماع اصلا. واما الرياصة التي/ ينبغي ان تستعمل بعد الجماع فهي الرياضة المصلحة لما لحق عنه ولما كان الجماع ييبس ويضعف القوى ويخلخل الجسم وجب ان يكون التدلك الذي يستعمل بعد الجماع مما يصلح هذه الاشياء فتكون فيه صلابة ما بها يكثف المسام ويقوي الاعضاء ويكون بالدهن الكثير ليرطب اليبس واما نوم هذا الفتى نيكون ايضا معتدلا وذلك بحسب ما تدعوه اليه طباعه فلا يستدعي النوم وهو مستعسر عليه ولا يدافعه وهو يغاله هذا متى لم يعرض له خطأ في تدبيره اوامر من خارج وينبغي ان يتدارك ان وقع غلط في تدبير هذا الفتى فيقابل بالحال المضادة مثال ذلك ان اكل طعاما فيه قبص فاعتقلت طبيعته فينبغي ان يطعم دسما فان رياضته انما ينبغي ان تكون بعد التبرز ولذلك ايضا ان كان سبب ذلك تقليل كمية الغذاء او نباعد اوقاته فينبغي ايضا ان يقابل بالصد لانه كثير ايضا ما يكون السبب في احتقان الفصول في هولاء سوء المزاح الحادث عن الاشياء التي من خارح اعني الحر او البرد فان هذه ايضا يعسر التحفظ منها فينبغي ايضا عند ذلك ان يقابل ذلك المزاج بضده ولست اعني باحتباس استفراغ فضلة البراز والبول بل اعني فضلات البدن من جميع المجاري كالمجرى الذي بين الكبد والمرارة والكبد والطحال وكذلك مجرى الانف والحنك وبالجملة فمتى اهمل شيء من هذا التدبير فينبغي بعد ذلك ان تعطوا الادوية التي تستفرغ هذه الفضول وامر الرياضة ايضا مما ينبغي ان يصلح الخطا الواقع فيها. ومن اكثر الخطا الخطا العارض فيها هو الاعياء الذي يصيب بعقبها وقد قيل فيما سلف ان الاعياء الذي يكون عن الاشياء التي من خارج ثلاثة اصناف بسيطة وهذه الثلاثة اصناغ احدها هو الاعياء القروحي والثاني التمددي والثالث الورمي فاما معالجة الاعياء القروحي من حيث هو خلط حار وذلك اما من فضول بقيت لم تتحلل في الرياضة او من اشياء ذابت من اللحم والشحم لافراط الرياضة فينبغي ان يكون ذلك بما يحلل تلك الفضول ويستفرغها وذلك بالدلك اللين الكثير اذ كان هذا الدلك للينه لا يصلب ولكثرته يستفرغ ويكون ذلك بالزيت السخن القديم الذي ليس فيه قبض وهولاء فيما ارى يحتاجون من الحمام الى الهواء ثم يستحمون بعد ذلك بالماء الفاتر السخونة ويستعملون من الغذاء الطف مما كانوا يستعملونه وارطب وابرد واقل كمية واما الاعياء التمددي فان شفاه يكون بالارخاء فلذلك ينبغي ان يدلكوا الدلك الرخو بالزيت السخن في الشمس ودهن الشبث في هذا الموضع ودهن البابونج لا باس به. وهولاء ينبغي لهم ان يدخلوا الابزن المعتدل ويطيل اللبث فيه ويستعملوا الرياضة المسكنة وهي التي يفعلها الرواص عند التمريخ من مد الاعضاء وفتلها فان بهذا الفعل يكون خروج الفضول التي في العضل كما ان بالدلك يكون خروج الفضول التي تحت الجلد واما الاعياء الورمي وهو الذي يكون مع تمدد وحس مؤذ وزيادة في كمية الاعضاء فشفاؤه يكون بالقصد الى ثلاثة اشياء احدها الاستفراغ والثاني التبريد والثالث الارخاء فلذلك قد ينبغي ان يكون الدلك في هذا رقيقا ويمكث في الماء المعتدل الحرارة مكثا طويلا ويستعمل الدهن الكثير المفتر وان كان زمان الصيف فدهن البنفسج في ذلك موافق وصاحب هذا الاعياء ينبغي ان يكون غذاؤه اقل كمية من صاحب الاصناف الاخر وابرد فبهذه هي حال تدبير اصحاب هذا المزاج في سن الشباب وهو الى نحو من خمسة وثلاثين سنة ثم من بعد الانحطاط ينبغي ان يقل من رياضتهم وتلطف اغذيتهم ويقصد ان تكون رطبة الى الحرارة ما هي فاذا حصلوا في سن الشيخوخة استعملوا من الرياضة الرقيقة مثل المشي الرفيق وما اشبه ذلك من الاغذية الرطبة الحارة ولهذا التدبير غرض في الزيادة والقلة بحسب علو اسنانهم وانحطاظها. قال وينبغي للشيوخ ان يتغذوا ثلاث مرات في النهار ويرتاضون عند كل تمام هضم منها رياضة مسكنة ويتدلكون ويستحمون ولان الشيوخ كثيرا ما يتولد في ابدانهم فضول كثيرة وهم لا يقدرون من الرياضة على ما به يستفرغ تلك الفضول كلها لم يكن بد في حفظ صحتهم من استعمال الاغذية الدوائية او الادوية فلذلك ينبغي ان يجعل ابدا في اول طعامهم ما تلين به بطونهم مثل ان ياكلوا في اول طعامهم مسالق السلق بالمري والزيت والملح وكذلك مسالق الخبازي والاحتقان بالزيت نافع لهم وكذلك استعمال التين بالقرطم او بزر الانجرة قبل الطعام وشراب العسل من انفع الاشياء لهم ولا سيما لمن لا يستجيز منهم اخذ الانبذة فان كان ممن يستجيزها فهي انفع الاشياء لهم فليتوخ منها الانبذة التي اتخذت بعد ان اخرج من الزبيب عجمه فان اضر شيء بالشيوخ القوة القابضة ثم عتقت الى ان بلغت نهاية كمالها او ليتوخوا من الوانها الالوان الجلابية وليس تعتق الانبذة المعمولة بهذه الصفة في بلادنا من اقل من ثلاثة اشهر الى اربعة اشهر فاما دون ذلك فلا خير لحفظ الصحة فيه كما ان الخمور انما تعتق في هذه البلاد من نحو ستة اشهر الى عام ولا باس ان يستعملوا ماء العسل في بعض الاوقات بماء قد انقع فيه بزر كرفس والسساليوس والنانحة وغير ذلك وان كانت فيهم اعضاء ماؤفة بالطبع فلا ينبغي ان يروضها لكن هذا الشيخ الذي كلامنا فيه ليس في اعضائه عظم مووف وينبغي للشيوخ ان يدخلوا الحمام في الشهر من اربع مرات الى ثلات وذلك ان الشباب من هولاء قد قلنا بالتدبير المتقدم انهم ليسوا محتاجين الى الحمام فاما هولاء فلقلة رياضتهم فهم محتاجون الى الحمام وكان تدبير الشيوخ مركب من التدبير الذي هو حفظ مجرد وتوق مما يحدث واستظهار عليه والفرق بين التدبيرين ان ذلك تدبير بالشبيه وهذا تدبير بالضد. وينبغي للشيوخ ان يتجنبوا الاشياء الغليظة اكتر من تجنبهم كل شيء فاذا استعملوا من ذلك شيئا فرغوا الى الادوية الملطفة والالبان جيدة للشيوخ الذين ليست عروقهم ضيقة لكن على حال ينبغي ان يستعملوه بالعسل. واما من كان منهم بارد المزاج بالطبع او ضيق العروق فلا ينبغي ان يقربها فهذا ما نقوله في تدبير الامزجة المعتدلة من سن الصبا الى سن الشيخوخة وهذا التدبير وان كان في غاية البعد من الامكان فانه كما قلنا كالقانون الذي يعمل عليه من يريد تدبير صحته وينبغي بقدر ما نقص عن هذا التدبير ان يتدارك باستفراغ الفضول بالادوية المفتحة للسدد المانعة للعفونة والاورام. وينبغي بعد هذا ان نقول في تدبير ساير الامزجة فنقول ان هذه الابدان صنفان صنف غلب على جميع اجزائه الضف من المزاج الغير معتدل من الاصناف الثمانية التي عدت في كتاب الصحة وصنف اختلفت امزاج اعضائه انفسها مثل ان يكون الدماغ حارا والمعدة باردة وبالعكس وهذا الصنف اردى من الصنف الاول وبخاصة متى كان هذا الاختلاف فيه في اعضائه الاصلية . وحفظ صحة هولاء هو اقرب ان يكون داخلا في ابطال الاستعدادات المرضية من ان يكون داخلا في باب الحفظ وبخاصة الذين اعضاوهم الرئيسية متشتتة المزاج وكان هذا النوع من الحفظ متوسطا بين حفظ الابدان الغير مذمومة وبين ابطال الاستعدادات المرضية وهي الابدان التي تظهر فيها علامة واحدة او اكثر من علامة واحدة من العلامات التي قلنا انها تنذر في الصحة بامراض ستحدث وسنقول في هذا الجزء فيما بعد. فلنبدأ من القول في تدبير اصحاب سوء المزاج الغير مركب ومن هولاء في اصحاب الامزجة الحارة فقط فنقول بان هولاء في اول امرهم ليس يظهر في امزجتهم كثير اختلال فاذا تمادى بهم السن ارتدف الى الحرارة يبس ضرورة يغلب على ابدانهم تولد المرة الصفراء فلذلك ما ينبغي ان تكون رياضة هذا الصنف رياضة ساكنة بالمشي الرفيق او بالركوب الرفيق فان الابدان الحارة كما يقول ابقراط ينبغي ان تراح ولا تراض الا ان هذا القول انما ينبغي ان يفهم باضافة فان عدم الرياضة جملة لا ينبغي لذي صحة ويكون الدلك المستعمل في هذا الصنف دلكا معتدلا في كميته وهو/ الدلك الذي ينمي اللحم وذلك ببعض الادهان الباردة كدهن البنفسج وغير ذلك ويستحموا بالماء الفاتر الذي يستفرغ من ابدانهم الفضول الدخانية ولا حاجة بهم الى استعمال هواء الحمام في الاكثر من تدبيرهم واستعمال الماء البارد بعد الحار في هذه الابدان لا باس به فانه يصلح ما يفعله الماء الحار من احرارها وهولاء ليس ينبغي ان يكون اكلهم في النهاراقل من مرتين واما ان كان اليبس ظاهرا عليهم مع الحرارة فبثلاث مرات لا اقل من ذلك ولا اكثر. واما نوع اغذيتهم فان عادة الاطباء في ذلك قد جرت بان يقولوا اما ان كان قصد اصحاب هذه الابدان حفظ صحتها على ما هو عليها فبالشبيه من الاغذية اعني الحارة او الحارة اليابسة واما ان كان قصدهم نقل مزاجهم فبالضد وذلك بتدرجهم في ذلك قليلا قليلا وانا ارى ان هذه الامزجة من حيث خروجها من الاعتدال الى احد الاطراف قد قاربت من الجهة التي خرجت اليها او تقع في المرض المجانس لذلك المزاج خروجا كثيرا وذلك عند ادنى سبب يطرأ عليها من خارج فلمكان هذا الاستعداد الذي فيها ارى الا تكون اغذيتها شبيهة بها من كل الوجوه وذلك ان امثال هذه الامزجة ليست واقفة بل هي متحركة الى سوء المزاج المرضي فلذلك ليس يقصد من تدبيرها بالغذاء حفظا فقط بل وابطال ما يحدث فيها من الاستعداد ولهذا كله ما ينبغي ان تكون اغذيتهم فيها مضادة يسيرة لذلك المزاج ومع هذا كله فليس ينبغي ان يكتفي حفظهم بهذا التدبير دون ان تستفرغ منه الاخلاط التي يفعلها ذلك المزاج الغالب عليهم فيستفرغ من اصحاب المزاج الحار المرة الصفراء بالاسهال والقي ويتخرا في استعمال ذلك بحسب كثرة تولد هذا الفضل في ذلك البدن ونقصد ايضا في استفراغه الجهة التي جرت عادة الطباع من ذلك ان نستفرغ منه ان بالقيء فبالقيء وان بالاسهال فبالاسهال والاسهال احمد لانه استفراغ على مجرى الطبع اكثر واظن ان من يتدبر هذا التدبير من اصحاب الامزجة الحارة فقط او الحارة اليابسة فيكتفون في استفراغ المرة الصفراء بالادوية المستفرغة لها برفق مثل التمر الهندي والبنفسج والهليلج الاصفر واللبلاب وغير ذلك من الادوية اللينة ومهما كان هذا المزاج الغالب عليه الحرارة واليبس كان تولد الابخرة الدخانية فيه كثيرا فهو احوج الى دخول الحمام والا اصابهم حمى يوم من ساعتهم وكذلك متى صابروا الجوع. ويصلح لهولاء في بعض الاحيان ان يستعملوا الاستحمام بعد الطعام فان هذا يخصب ابدانهم لكن من كان منهم يصيبه في استعمال ذلك ثقل على جنبه الايمن فينبغي ان يتجنبه ويستعمل الاشياء المفتحة لسدد الكبد واما شرب الانبذة لهولاء فينبغي ان يقللوا منه وان استعملوا فليستعملوا النبيذ الابيض المائي وبالجملة فتدبير اصحاب الامزجة الحارة اليابسة واصحاب الامزجة الحارة فقط انما يختلفان في اخر الامر بالاقل والاكثر لان الحرارة في اخر الامر لابدان تقترن بها يبوسة وشرب شراب السكنجبين السكري في زمان الصيف المعمول ببعض البذور والحشائش التي فيها قوة مفتحة مدرة من غير اسخان مثل بزر السريس والبرشاوشان وبزر الكرفس مكسورا قوته الاولى بمثله من بزر البطيخ مع ما يحجب من يبس هذه الادوية ويكسر من حرها مثل عود السوس وزهر البنفسج وزهر النيلوفر وتدبير جيد في الحر يمانع حدوث الحميات في هذه الامزجة وينبغي ان يكون فيه مع هذا ما يقوي فم المعدة فان الخل بما هو خل مضر بفم المعدة فلذلك لا ينبغي ان يخلوا مثل هذا المركب من قليل مصطكي وسنبل او يسير من عود الطيب وشرب ماء الشعير ايضا لهولاء في زمان الصيف تدبير جيد بعد ان يكون فيه ايضا بعض ما يكسر من اخلاله بفم المعدة وينبغي لاصحاب الامزجة اليابسة ان يعنوا اكثر بترطيب ابدانهم فان الشيخوخة تسرع اليهم وذلك يكون بالاغذية الرطبة المحمودة الكيموس كفتيايا اناث الدجاج وبالاستحمام بالمياه العذبة المعتدلة في الحر والبرد. وينبغي ان يتجبب اصحاب هذه الامزجة السهر والاعراض النفسانية التي تكسب الابدان حرارة /مثل الغضب وغير ذلك ويستعمل ما يرطب ويبسط اخلاقهم ولتكن الاشياء التي يتعمدون لقاءها من خارج مضادة لامزجتهم مثل الادوية المعتدلة في زمان الحر بورق الخلاف والريحان وورق الكرم والمياه الباردة وان تكون فروشهم وثيابهم في غاية اللدونة والوثارة وسماع الالحان المرحية اوفق شيء لهذه الامزجة اعني الحارة اليابسة. واما الامزجة الحارة الرطبة فاصحابها تعتريهم امراض العفونة وسيلان الفضول وبخاصة في سن الحداثة فلذلك ينبغي لهولاء ان يستعملوا من الرياضة الرياضة القوية السريعة ومن الدلك الكثير الصلب ويستحموا قبل اخذ غذائهم مرتين وثلاث وبالجملة فينبغي ان يعنوا بامر معدهم فانه متى استحالت الاطعمة في المعدة كانت سببا لاستحالة الاخلاط في جميع البدن. واما اغذيتهم فيجب ان تكون مائلة الى البرد واليبس وليس هذا المزاج هو المزاج المعتدل كما يظن ذلك جالينوس بالقدماء حين قالوا ان المزاج الطبيعي هو الحار الرطب وذلك ان المزاج الطبيعي اذا قيس من حيث هو وسط بالاطراف قيل فيه انه معتدل واعني بالاطراف الامزجة الثمانية واذا قيس بحسب غلبة الاسطقسات فيه قيل انه حار رطب بمعنى ان الحرارة والرطوبة اغلب من البرودة واليبس. واما هذا المزاج الذي نقول فيه ها هنا حار رطب فهو بالمقايسة الى المعتدل فقولنا اذن في المعتدل انه حار رطب وفي هذا المزاج حار رطب هو باشتراك الاسم. وجالينوس ياخذ ان الطبيعي هو المزاج الذي يقال بالمقايسة للاطراف والحار الرطب الذي يقال بالاضافة الى المعتدل فيلزمهم الامزاج ها هنا معتدل. وقد خرجنا عما كنا بسبيله فلنرجع حيث كنا فنقول وهولاء ليس ينبغي لهم ان يقتصروا من حفظ الصحة على الرياضة فقط والاستحمام واستعمال الاغذية بل ينبغي ان يعنوا ايضا باستفراغ الفضول بالادوية بالاسهال ومن الراس بالعطاس والغرغرة بالمصطكي ويسير من حب الراس والتانجندس وبادرار البول والادوية التي تصلح لاسهال اصحاب هذه الامزجة هي الادوية اللينة في استخراج الرطوبات مثل الغاريقون والتربذ والقرطم وبزر الانجرة وينبغي ان يعنى هولاء بتفتيح السدد ومنع اسباب العفونة اكثر من جميع الناس ومنع اسباب العفونة يكون باشياء منها كما قلنا تفتح السدد ومنها استفراغ الخلط الذي شانه ان يعفن ومنها احالته بالادوية وذلك فيما شانه منه ان يستحيل عن الطبيعة عند معاضدتها بالادوية ومنها مقابلة ذلك الخلط بادوية مضادة لمزاجها وهذه الادوية هي المعروفة بالافاويه وذلك ان العفونة لما كان مزاجها مزاجا متولدا عن حرارة غريبة ورطوبة غريبة منتنة الرائحة كانت الادوية العطرة الرائحة في غاية المضادة لها فان انت ركبت لهولاء من مجموع هذه القوى مركبا بعد ان تطبل ما يظهر فيه من القوى التي ليست يحتاج اليها كنت قد صغت لهم دواء فاضلا في حفظ صحتهم. واما اصحاب المزاج البارد فاما ان يكون ايضا معتدلا في الكيفيات الاخر واما ان يكون رطبا واما ان يكون يابسا فاما اصحاب الابدان الباردة فقط من هولاء فينبغي ان ينحو في تدبيرهم الى ما يسخن ابدانهم من غير ترطيب من الرياضة والاستحمام والاغذية واما اصحاب الامزجة الباردة فهولاء ايضا ينبغي ان يكون تدبيرهم تدبيرا يحر وييبس ويتجنبوا الاستحمام بالماء ويكثروا الرياضة ويستعملون من الادوية ما يستفرغ الفضول المتولدة في امثال هذه الامزجة واما اصحاب المزاج البارد اليابس فهم اردى هذه الاصناف وينبغي ان يكون تدبيرهم تدبيرا يحر ويرطب وذلك يكون بالدلك اللين والاستحمام بالماء العذب والرياضة المسكنة والنوم الطويل واستعمال الاغذية التي كيفياتها هذه الكيفية واصحاب الامزجة الرطبة بالجملة ينبغي ان تباعد اوقات غذائهم كما ان اصحاب الامزجة اليابسة ينبغي ان يكون الامر فيهم بالضد واصحاب الامزجة الباردة اليابسة ينبغي ان يعنوا ايضا باستفراغ الفضول التي تتولد في ابدانهم وتلك هي المرة السوداء او الادوية التي تكفيهم في ذلك هي مثل الاهليلجات السود وان ترقوا الى اكثر من ذلك فالبسبايج فانه دواء مامون القايلة في اخراج هذا الخلط والانبذة الجلابية من انفع شيء لهذه الامزجة واما الجماع فاحمل هذه الامزجة له هي الامزجة الحارة الرطبة واشدها استضرارا به هي الامزجة الباردة اليابسة واما التي بينها فمتوسطة فهذه تدبيرات الامزجة الخارجة عن الاعتدال. واما الامزجة التي انما خرجت عن الاعتدال في الكيفيات المنفعلة فقط اعني اليبوسة فقط او في الرطوبة فليس يتبع ذلك فيها كبير ضرر كما يتبع الامزجة التي خرجت في الكيفيات الفاعلة والمنفعلة والفاعلة هي التي تكلمنا في تدبيرها وجالينوس يحتج لهذا بان اعضاء الانسان في اول ما يولد هي في غاية من الرطوبة وعند الشيخوخة في غاية من اليبوسة. واما الابدان القضيفة فان تدبيرها يكون بابطال اسباب القضف فان كان سبب ذلك فرط تحليل لموضع الحرارة في اعضايهم واليبس والتدبير المرطب المبرد ينفعهم. واما ان كان سبب القضف ضعف القوة الجاذبة التي في الاعضاء فالطلاء بالزفت نافع لهم وذلك بان يبقى على البدن بمقدار ما يجذب اليه الغذاء فقط لانه اذا طال لبثه حلل. واما ان كان السبب فيه استيلاء البرد على القوة الهاضمة فاستعمال الاشياء المنهضمة لها كالانبذة وغير ذلك والقضف بالجملة انما يكون مع يبس لاكن فاعل ذلك اليبس قد يكون فرط التحليل وقد يكون قلة جذب القوة الجاذبة الى الاعضاء وقد يكون لقلة المنهضم منه ووقاحته وقد يكون ايضا ذلك ليبس الاغذية انفسها واصلاح هذا قريب واما تقضيف الابدان العبلة فبضد هذه الاشياء اعني الرياضة المفرطة وامساك في الاكل واستعمال الاستفراغ بالادوية وبجميع ضروب الاستفراغ من كل ما يشير الحرارة مثل السهر وجميع الاعضاء النفسانية التي تفعل هذا الفعل واذ قلنا في تدبير الامزجة الغير معتدلة المساوية في ذلك فلنقل في الامزجة التي عدم الاعتدال فيها في نفس اعضايها وهذه الامزجة ايضا تدبيرها من جنس ابطال الاستعدادات المرضية اكثر من تدبير من به سوء مزاج مستو والعرض فيمن حاله هذه تقوية ذلك العضو واصلاح مزاجه واستفراغ ما يتولد فيه وانضاجه ورفع السبب الفاعل له واصلاحه ان كانت افته من قبل مشاركة عضو اخر والا باصلاحه نفسه ومثال ذلك ان المعدة قد تكون في بعض الناس مووفة بالطبع وقد تكون بسبب مشاركة الدماغ واشد الاصناف ضررا من هذا الاختلاف هي اختلافات الاعضاء الرئيسية المتشاركة اذا تضادت امزجتها مثل ان تكون المعدة باردة والكبد حارة والبدن مهلوس وصاحبه يشكو الحصى او ان يكون قضيفا وانثياه فعالة للمنى وفي مثل هذه المواضع ينبغي ان نخلط التدبير مع صرف العناية الى الاهم من غير ان لا تهمل الجهة الاخرى وهذا كله داخل في باب المعالجة فلا معنى لذكره ها هنا والحفظ منه قبل ان يقع من جنس دفعها اذا وقع. ومن اسوا اصناف هذه الامزاج من كان مزاج دماغه غير معتدل اما الى البرد واما الى الحر وذلك ان مزاج الدماغ اذا ساء كان سببا لافات كثيرة تحدث بالابدان منها انه يعتري عن ذلك اورام الحلق والرية واللهاة وقروح الرية وقروح الفم وانقطاع الصوت والبهر وربما مال الفضل الى معدهم فافسدها ان كان باردا فالى البرد حتى يفسد مزاجها ويفسد مزاج ساير البدن واصحاب هذه العلة يتجشون جشا حامضا كما عرض لي ذلك وانا فتى فاكسب معدتي سوء مزاج لست بعد اقدر على دفعه وذلك ايضا مع سوء المعالجة لى في ذلك الوقت فاني ما كنت حينئذ حدقت شيئا من اعمال الطب وربما كان هذا الخلط في بعضهم مراريا ورفع هذا كله اذا وقع داخل في/ حيلة البرء واما التحفظ من وقوعه فهو اليق بهذا الموضع وذلك اما يكون في الدماغ البارد فيوضع الضمادات المجففة له المقوية التي لها بعض حرارة وعطرة كالبسبابة في الصيف والقرنفل في الشتاء واستفراغ الفضول التي تجتمع فيه كل يوم بالعطاس والسواك باصول الجوز ومضغ المصطكي مع يسير من الميوبزج واخذ بعض الادوية التي شانها ان تستفرغ الخلط البارد من الراس في اوقات اخذ الدواء وهي فصل الاعتدالين اعني الربيع والخريف واما الادمغة التي يتولد فيها فضول حارة فعلاجه ضد هذا العلاج وذلك ان يدهن روسهم بدهن الورد وان يستفرغ منهم ذلك الخلط بالادوية التي شانها ان تستفرغه والروس بالجملة هي اكثر تاثير عن البرد منها عن الحر فلذلك ما ينبغي ان تصان عن البرد غاية الصون واما تدبير ساير الناس الذين لا يمكنهم ان يتدبروا بشيء من هذا التدبير فينبغي ان يتامل امرهم فان كان من هذه صفته معتدل المزاج في اصل الخلقة فاحسب ان امراضه اكثر ذلك انما يكون من جهة الكثرة فلذلك ما ينبغي لهولاء ان يتعاهدوا بالاستفراغ العام الذي هو الفصد ولسيما من كان منهم يعتريه امراض الامتلاء ويتحسبون ما امكنهم الاغذية الكثيرة الغذاء واما من لم يكن معتدل المزاج فان امراضه اكثر ذلك انما يكون من رداة الاخلاط فلذلك ما ينبغي ان يحدس على الخلط الغالب على ابدانهم فيستفرغ ابدا ويحدس في كمية استفراغه من كثرة تولده وقلته فمن الناس من يكتفي باستفراغ واحد في زمان الربيع ومنهم من يحتاج الى استفراغين استفراغ في الربيع واستفراغ في الخريف وانا ارى انه ينبغي لمن هذا شانه ان يستفرغ في الاسابيع من عمره والارابيع اكثر مما شانه ان يستفرغ كل عام فانا نرى الامراض انما تحدث بالناس اكثر على ادوار محدودة او قريب من محدودة في سني عمره فمتى شعر من نفسه ذلك فليستعد بمثل هذا الاستعداد فاني ارجو ان بهذا التدبير سيسلم كثير من الناس من الامراض العرضية وينبغي لامثال هولاء الا تناكر عادتهم في مطعم ولا مشرب ولا تدبير اصلا الا ان يكون تدبيرا رديا فينبغي ان يهجروه ما امكنهم كما ان العادة ايضا اذا تمكنت في شيء فينبغي ان لا ينقل عنها دفعة لو كانت في غاية المضرة الا بتدريج. فهذا هو القول في صحة جميع الامزجة وقد ينبغي بعد ان نقول في حفظ الابدان التي قد اشرفت على المرض وابطال الاستعدادات الحاصلة فيها وهو الجزء الثاني من هذا العلم وان كان كثير مما سلف في الجزء الاول كانه متوسط بين هذين الجنسين على ما قلنا فنقول ان جنس حفظ الابدان بالجملة من الامراض التي قد استعدت لقبولها بظهور احد العلامات فيها الداخلة على حدوث تلك الامراص التي عددت في كتاب العلامات هو ضرورة من جنس ابطال ذلك المرض اذا حدث مثال ذلك ان حفظ البدن من الوقوع في الجذام هو بعينه يلتيم بالاشياء التي بها تكون معالجة ذلك العلة وكذلك في مرض مرض ومن اشهر هذه الاستعدادات الحالة المسماة اعياء حادثا من تلقاء نفسه وذلك ان هذه الحال متى حصلت في الابدان استعدت بها لقبول افات كثيرة فلذلك كان افرادها بالقول ضروري ها هنا وليس الامر كذلك في الاستعدادات الخاصة بمرض مرض فان الوجه في ابطال تلك الاستعدادات هو الوجه في ابطال تلك فلذلك لا معنى ها هنا لتكريرها وكذلك ايضا القول في حفظ الابدان عند فساد الاهوية هو ضروري ها هنا فلنبتدي من الحالة المسماة اعباء فنقول انه قد قيل في كتاب المرض ان هذه الحال ثلثة اصناف صنف يعرف بالاعياء القروحي وان فاعل هذا هي الاخلاط الحارة اعني الحادث منه من تلقاء نفسه وهو الذي القول فيه ها هنا وصنف ثان تمددي وان فاعل هذا هو كثرة الدم وصنف ثالث ورمي وهو مركب من فاعل القروحي ومن فاعل التمددي ويخص هذا انه يعرض في الاعضاء منه تزيد في اقطارها ولذلك عد هذا الثالث في البسايط والافهو مركب منها فينبغي ان نبدا اولا بالعلاج العام لجميعها ثم نسير بعد الى ما يخص واحدا واحدا فنقول ان العلاج العام لجميع هذه الانواع من جهة ان فاعلها مزاج مادي هو الاحالة فيما تمكن فيه احالته واستفراغ مالا يمكن ذلك فيه والاحالة تفعله الطبيعة بالادوية والاغذية التي شانها ان تلطف الاخلاط وتهيئها للاحالة وقد يفعل ذلك ايضا التجويع وطلب النوم والهدوء. واما الاستفراغ بالادوية المدرة للبول والعرق وبالادوية المسهلة وبالرياضة ويكون بشق العروق وهذا كله انما تتقيل فيه الصناعة الطبيعية. فهذا هو العلاج العام لجميع هذه الاصناف واما الخاص بواحد واحد منها فينبغي ان نقول فيه فانه ليس في كل واحد منها يستفرغ بنوع واحد من الاستفراغ ولا يستعمل فيه نوع واحد من الاحالة. ونبتدي من ذلك بالاعياء القروحي فنقول ان هذا الاعياء فاعلة بالجملة كما قال اخلاط لذاعة وقد علمت ان الخلط اللذاع اما ان يكون صفراويا او سوداويا او بلغميا مالحا فان كل واحد من هذه يلذع اما الصفراء فبحدتها واما السوداء فبحمضتها واما البلغم المالح فبملوحته وهذه الاخلاط لا يخلو ان تكون اما تحت الجلد فقط واما ان تكون مع هذا غايرة في العضل فقط واما ان تكون مع انها في العضل هي ايضا في الاوراد نفسها على الجهة التي شان هذه الاخلاط ان توجد في الدم اعني بالقوة الغريبة ثم لا يخلو ان يكون مع هذه الاخلاط في البدن اخلاط بلغمانية خامية ام لا يكون وان كانت فيه فلا تخلو تلك الاخلاط الخامية ايضا ان تكون في اللحم فقط او في الاوراد انفسها وما كان من هذه الاخلاط انفسها في الاوراد اعني الصفراوية او السوداوية او البلغمية المالحة او الخامية فلا يخلو ان تكون مع قلة الدم وكثرته وانما يكون الدم كثيرا متى كانت هذه الاخلاط وتيحة في الاوراد لم تبعد جدا عن مزاج الدم فان بعضها الوجود لها بالفعل انما هو قبل ان يستحيل الى الدم وبعضها بعد ان يستحيل بمنزلة الصفراء او السوداء وهي تتفاضل في ذلك بالقرب والبعد فمتى بعدت جدا عن الدم اما بانها تحتاج الى استحالة طويلة وحينئذ ينصرف دما وقد استحالت بعد ان كانت دما استحالة كثيرة فان الدم ضرورة في هذه الحال قليل وتيح فهذه جميع الاوجه التي يمكن تتصور عليها الابدان في حال هذا الاعياء ولكل واحد منهما علاج خاص فنقول اما اذا كانت الاخلاط الفاعلة لهذا الاعياء انما هي تحت الجلد فقط فقد نكتفي في علاجها بالرياضة المسكنة وبالاستحمام واستعمال الاغذية اللطيفة الرطبة كماء الشعير وشراب السكنجبين وما اشبه ذلك واما متى كانت هذه الاخلاط الفاعلة للاعياء يوجد حسها غايرا في اللحم فليس ينبغي حينئذ ان تستعمل الرياضة بل يستعمل الهدوء والنوم ما امكن والامساك عن الطعام وذلك ان هذه الافعال مما تنضج بها تلك الاخلاط فاذا كان عشى ذلك اليوم حممناه بالماء المعتدل وغذوناه بغذاء جيد الكيموس لطيف بعد ان سقيناه ايضا شراب سكنجبين او شراب العسل ان لم يكن مزاجه محرورا وذلك ان هذه الاشربة من شانها ان تستفرغ بالبول والعرق ما ليس يمكن فيه ان يستحيل عن الطباع فان سكن هذا العارض فقد فقد اصبنا فيما ظنا من ان هذا الخلط انما هو في العضل فقط وان لم يسكن واضطرب نوم هذا العليل فهذه الاخلاط حينئذ ليست في العضل فقط بل وفي الاوراد ولذلك قد ينبغي ان تثبت وننظر هل مع هذه الاخلاط الفاعلة للاعياء اخلاط خامية ام لا وان كانت فهل هي في الاوراد ام لا فننزل اولا ان ليس معها اخلاط خامية وان هذه الاخلاط الفاعلة للاعياء في الاعضاء انفسها وفي الاوراد فحينئذ ايضا ينبغي ان نتامل معها كثرة دم وهل تلك الاخلاط بعيدة من جوهر الدم ام ليست ببعيدة وان كانت مع قلة دم/ وهي بعيدة من جوهره فينبغي ان يستعمل ها هنا الاستفراغ بالاسهال لنوع الخلط الذي يحدس انه فاعل الاعياء وذلك اما صفراويا كما سلف واما سوداويا واما بلغميا مالحا فان الاخلاط اذا خرجت عن الطبع في كيفيتها فاستفراغها يكون بالدواء الجاذب لتلك الاخلاط باعيانها واما اذا خرجت في كميتها فاستفراغها يكون بشق العرق كما سيقال في الجزء العلاجي. واما اذا كانت هذه الاخلاط في الاوراد مع كثرة دم فينبغي ان يستفرغ بالفصد ثم بالاسهال بعد. واما ان كان مع هذه الاخلاط في البدن اخلاط خامية نظرنا ايضا فان كانت الاخلاط في الاوراد مع دم كثير وهي مع هذا غير بعيدة من جوهر الدم فينبغي ايضا ان يستفرغ بالفصد واسهال تلك الاخلاط فانها متى كانت قريبة من جوهر الدم لم تكن في نهاية الغلظ فيستعصي على الدواء المسهل واما اذا كانت هذه الاخلاط الخامية في الاوراد كثيرة مع دم قليل وهي مع هذا بعيدة من جوهر الدم فها هنا ليس ينبغي ان يشق العرق ولا ان يسهله وذلك انا متى اسهلنا ها هنا قتلنا ومتى ايضا رمنا الاستفراغ بالدواء لم تجبنا تلك الاخلاط لغلظها وايضا فانها تتقدم فتسد المجاري عن ان يجري فيها غيرها من الاخلاط ووجه الحيلة فيمن هذا شانه ان تامره بالسكون والدعة وتجعل ادويتهم واغذيتهم ادوية ملطفة مقطعة من غير اسخان شديد لان لا تنتشر تلك الاخلاط الخامية في البدن واوفق الاشياء لهم شراب السكنجين البزوري الذي حجب بيبسه بعروق السوس وماء الشعير جيد لهم لمن كان منهم شابا مع يسير من اصل الرازيانج وماء العسل اوفق لهم مفردا ومع شيء من زوفا وعروق السوس وهولاء تنفتح بطونهم وتعتريهم رياح غليظة ولذلك قد يطعمهم جالينوس الدواء المعمول بالثلاثة فلافل والجوارش الكموني لاكن قد ينبغي في اقليمنا هذا اذا استعملت هذا العلاج ان تستعمله بحذر وتوق والا جلبت الحمى من ساعتك على المريض فان اقليم جالينوس ابرد من اقليمنا. وانما كان جالينوس يستعمل هذه المعالجة في زمان الشتوة وغير سن الشباب اللهم الا ان يكون المرض يقتضي ذلك بطبعه اقتضاء كثيرا. وان اتخذها ها هنا مركبا من الادوية الملطفة المقوية للاعضاء الباطنة التي هي اقل حرارة من هذا كان ايضا حميدا مثل الدارصيني والاسارون والعود والعنبر والقرنفل والسليخة وما اشبه ذلك من الطيوب لاكن جالينوس انما احسبه تجنب هذه الادوية ها هنا لمكان القبض الذي فيها فان انت خلطت الجنسين فعلت مركبا حسنا لان هولاء الاعضاء الريسية منهم في غاية الضعف وبخاصة فم المعدة ولذلك ليس يجب ان يخلو هذا المركب من المصطكي. واما الورد فلا احمده في هذا المركب لمكان برده وقبضه وان كان فيه تقوية الاعضاء. والاسطوخدوس دواء حميد الموقع في هذا المركب وكما يتجنب الاستفراغ في هذه الحال بالاسهال كذلك تتجنبه بالقيء فانا كما نتخوف ان يكون باستعمال القيء قد حركنا الاخلاط بالاسهال الى باطن البدن من غير ان يكون اخرجناها كذلك نتخوف ان يكون باستعمال القيء قد حركناها الى ظاهر الجسم واما اذا كانت الاخلاط الخامية في العضل وكان دم الاوراد نقيا فقد ينبغي ها هنا الا نحذر الاشياء القوية الاسخان المدرة للبول فانه قد امن في هذا الموضع انتشار الخلط وجالينوس يستعمل ها هنا الدواء الفوذنجي ولن يخفى عليك علاج ما تركب من هذه الاصناف وكذلك ايضا لست احتاج ان اصف لك ها هنا العلامات الدالة على غلبة خلط خلط من هذه الاخلاط على البدن ولا مقدار كميته وموضعه فانك قد علمت جميع هذا من كتاب العلامة فاعتمد على البول في تمييز جنس الاخلاط التي تكون في الاوراد وعلى العرق في التي تكون داخل العضل وذلك ايضا من لونه ومذاقته وكذلك ايضا فاعتمد على الوقوف على كثرة ذلك الخلط من قلته من التدبير المتقدم والمزاج المناسب له والفصل المناسب وساير الاشياء التي قيلت في كتاب العلامات. واما الاعياء الورمي والتمددي فهما ضرورة يكونان مع كثرة من الدم فلذلك ما ينبغي ان نفصد هولاء ضرورة ونقدر كمية ما يخرج من جهة الفصل والسن والمزاج كما سنقول في كتاب العلاج وينبغى ان يتفقد الاعضاء في هذا الاعياء فان كان الثقل اكثر ذلك انما هو في الراس فافصد له القيفال. وان كان اكثر ذلك في الصدر فافصد له الباسليق وان كان فيهما على السواء فافصد له الاكحل. وقد بقي من هذا الجزء ان نقول كيف تحفظ الابدان من المرض في الاهوية الخارجة عن الطبع فنقول ان الهواء كما قيل في غير هذا الموضع اما ان يخرج عن طبعه في كيفياته واما ان يتغير في جملة جوهره وذلك بان يتعفن والهواء اذا كان بهذه الصفة اعني باحد هذه الحالات استعدت به الابدان لحدوث امراض مشاكلة لذلك المزاج الا انه ليس جميع الابدان يلفى ذلك وانما يلقى ذلك منها اكثرها استعدادا والامرض كل انسان في الهواء الوبائي. ولهذا كله الاعتماد في التدبير في هذه الاوقات انما هو عام لجميع هذه التغايير بتفتيح السدد ومنع اسباب العفونة بالجملة واما ما يخص صنفا صنفا من هذه التغايير الحادثة في الهواء فانه متى خرج في احد كيفياته فينبغي ان يقابل ذلك بالتدبير المضاد مثال ذلك انه اذا افرط في الحر واليبس تدبر بالاغذية الباردة الرطبة ولزمت المجالس الشمالية المعتدلة بالهواء بالمياه والرياحين ويفصد ايضا اذا امكن ولم يمنع من ذلك شدة الحر والبرد الى استفراغ الفصل المناسب لذلك الخلط المتولد في ذلك الفصل واما الهواء الفاسد في جملة جوهره فينبغي ايضا ان يقابل بالاستفراغ العام وبالاشياء التي تمنع الوباء بجملة جوهرها وتجعل الاغذية باردة يابسة بعيدة من العفونة بمنزلة الخل والعدس ويبخر الهواء بالاشياء المانعة للعفونة بمنزلة القسط والكندر والميعة وللقطران في ذلك تاثير كبير واخذ الترياق الكبير في هذا الزمان حافظ عظيم من الوباء وذلك ان يوخذ منه نحو قيراط الى درهم ويبقى عليه حتى ينهضم في الاعضاء كلها وذلك نحو تسع ساعات وبالجملة فمتى تغير الهواء تغيرا يندر بالامراض ستحدث فينبغي ان يتحفظ من حدوث تلك الامراض وذلك بالتدبير المضاد لطبايعها والطين الارميني بالخل في الهواء الوبائي نافع وكذلك الطين المختوم وذكروا انه متى اخذ من الصبر جزء ومن الزعفران جزءين والمر جزء وسقي في اول الوباء منه كل يوم اثني عشر قيراطا وذلك ستة وثلثون حبة مع اوقية خمر ممزوج انتفع به وانه لم يرا احد فعل هذا الا سلم من الوباء وينبغي ان يتخير الهواء النقي الصافي المتحرك في زمان الصيف وذلك ان تسكن المواضع المرتفعة او الغرف العالية ان لم تكن المواضع المرتفعة اللهم في وقت تغير الهواء في جوهره فانه ينبغي حينئذ ان تلزم البيوت المصلحة للهواء على ما وصفنا وتجنب جميع الفواكه في مثل هذه الاهوية ضروري جدا فان الدم المتولد عنها يجيب الى العفونة بسرعة وكذلك ينبغي ان تجنب اللحوم فانها ايضا سريعة الاستحالة الى التعفن وان استعملت فيستعمل من ذلك الطيور الجبلية والحيتان في هذا الفصل من اردى شيء وشراب السكنجبين الذي ماؤه ماء الورد الصادق الحموضة اذا اضيف اليه بعص البزور التي فيها ادرارا وهي مع هذا باردة تدبير جيد في هذه الاوقات وتعاهد تلين الطبيعة بالجملة بالاشياء اللينة في كل فصل تدبير حافظ للصحة باجماع من الاطباء مثل التمر الهندى والراوند والبنفسج والاهليلجات والخيار شنبر والترنجنين واللباب والرمان المعصور بشحمه وما اشبه هذا من الامور اللينة مما تخرج الاخلاط الصديدية التي كونها في البدن يتولد فيه عفونة بمنزلة الخمير في العجين للتخمير وهذا الذي قلناه في هذا الجزء من هذا العلم كاف بحسب غرضنا في الايجاز. تم الجزء السادس والحمد لله لاثر سالم كتاب شفاء الامراض
Shafi 422