والملحمة تتفق مع التراجيديا فى كونها محاكاة للأخيار فى كلام موزون، وتختلف عنها فى أن الملحمة ذات عروض واحد وأنها تجرى على طريفة القصص. وهى مخالفة لها فى الطول، فالتراجيديا تحاول جاهدة أن تقع تحت دورة شمسية واحده، أو لا تتجاوز ذلك إلا قليلا، أما الملحمة فهى غير محدودة فى الزمان، على أنهم كانوا يستمحون قديما فى التراجيديات بمثل ما يستمحون به فى الملاحم. أما الأجزاء الداخلية فى التراجيديا فمنها ما يوجد هو بعينه فى الملحمة، ومنها ماهو خاص بالتراجيديات؛ فمن عرف الجيد والردئ فى التراجيديات عرف مثل ذلك فى الملاحم، لأن ما يوجد فى الملحمة يوجد فى التراجيدايا، أما ما يوجد فى التراجيديا فليس كله موجودا فى الملحمة.
[chapter 6]
٦ — سنتكلم فيما بعد عن الشعر المحاكى ذى العروض السداسى وعن الكوميديا، أما الآن فلنتحدث عن التراجيديا مستخلصين مما تقدم ذكره تعريفها الدال على حقيقها. فالتراجيديا هى محاكاة فعل جليل، كامل، له عظم ما، فى كلام ممتع تتوزع أجزاء القطعة عناصر التحسين فيه، محاكاة تمثل الفاعلين ولا تعتمد على القصص، وتتضمن الرحمة والخوف لتحدث تطهيرا لمثل هذه الانفعالات. وأعنى «بالكلام الممتع» ذلك الكلام الذى يتضمن وزنا وإيقاعا وغناء، وأعنى بقولى تتوزع أجزاء القطعة عناصر التحسين فيه أن بعض الأجزاء يتم بالعروض وحده على حين أن بعضها الآخر يتم بالغناء.
Shafi 48