الاعتِبَار:
وهو النظر في حال الحديث، هل تفرد به راويَه أم لا؟ وهل هو معروف أم لا؟ وطريق الاعتبار في الأخبار أن يُقال مثلًا:
روى حمَّادُ بن سَلمةَ عن أيوب عن ابن سِيِرين عن أبي هريرة عن النبي ﷺ فإذا نُظِر أنَّ حمَّادًا رواه، ولم يُتَابَع عليه، فيُنظر هل روى ذلك ثقةٌ غير أيوب عن ابن سيرين؟ فإن لم يوجد ذلك، فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير أبي هريرة، رواه عن النبي ﷺ، فأيُّ ذلك وُجِد، يُعلَم به أن للحديث أصلًا يُرجع إليه، وتُسَمَّى هذه متابعة غير تامة.
وإذا نُظِر أن هذا الحديث بعينه، رواه أحدٌ عن أيوب غير حماد، قيل هذه متابعة تامة، وقد تُسَمَّى الأولى بالشاهد أيضا، فإن لم يرو ذلك الحديث أصلًا من وجه من الوجوه المذكورة، لكن رُوي حديث آخر بمعناه، فذلك الشاهد من غير متابعة، فإن لم يرو أيضا بمعناه حديث آخر، فقد تحقق فيه التفرد المطلق حينئذ (١).
مثال المتابعة، والشاهد: حديث سُفيان بن عُيَيْنة، عن عمرو بن دينار عن عطاء، عن ابن عباس، في حديث الإهاب، "لَوْ أَخَذُوا إِهَابَهَا فَدَبَغُوهُ فَانتَفَعُوا بِهِ" ورواه ابن جريج عن عمرو، ولم يذكر الدِّبَاغ، فذكر البيهقي (٢) لحديث ابن عيينة متابعًا وشاهدًا، فالمُتابع أسامة بن
_________
(١) أصل هذا الكلام للإمام أبي حاتم محمد بن حبان البستي، ينظر الإحسان (١/ ٨٦).
(٢) السنن الكبير (١/ ١٦).
1 / 64