إلى أن قال في ختام المرافعة:
لقد قمت بالواجب علي أما واجبكم أيها السادة فهو تبرئتي ولا أطلبها لنفسي، فما كنت ممن يهاب السجن أكثر مما يهاب الله، ولكني أطلبها لتكون خطوة أولى منكم نحو اتحاد الإيمان والحرية.
أطلب البراءة كي يتعلم أولئك المأجورون المستبدون أن العدل لم يمت في فرنسا، ولا يمكن أن تضحوه لعقائد قديمة وسخائم عصر خلا، إذن أرجوكم أن تبرئوا يوحنا باتيت هنري لاكوردير؛ لأنه لم يذنب بل تصرف تصرف الوطني، ودافع عن إلهه والحرية، وما عملته يا سادة تجدونني مستعدا لعمله كل حين.
ومن خطبة له في وداعه نوتردام، وهي آخر خطبة
أودعكم وفي الصدر عاطفتان متناقضتان؛ الأولى: السرور أنني أديت الواجب علي، وخدمت الكثير منكم في عصر قلما تجدي فيه خدمة الواجب، والثانية: الأسف لدى التفكير أن عملا كهذا لا يتم دون أن يخلف العامل فيه أجل شيء من عمره وقواه.
يقول دانت في مطلع قصيدته: «في منتصف طريق الحياة استيقظت فإذا بي وحدي وسط غابة كثيفة.» يا سادة إني وصلت إلى هذا الموقف من الحياة حيث يودع المرء آخر شعاع من الشباب، وينحدر بسرعة نحو شواطئ العجز والنسيان، وإني لراض بهذا الانحدار؛ لأنه مكتوب لي غير أني أريد أن أقف قليلا وأتملى اللذة الباقية لي، وهي أن ألقي نظرة على الماضي، وأعيد معكم يا رفقاء الطريق تلك الذكريات التي حببت إلي هذا المنبر وهذا الجمهور.
هنا انفتحت نفسي لأنوار العزة الإلهية ونزل الغفران على آثامي. على أعتاب هذا الهيكل رقيت درجات الكهنوت، ومن على هذا المنبر الذي رعيتموه بالإصغاء والتهليل تجلت لي وظيفتي، هنا وجدت بعد منفاي الاختياري الثوب الذي أقصاني عنه حرماني باريس نحوا من ربع قرن. هنا في غد الثورة بين بقايا العرش ومشاهد الحرب توافدتم لتسمعوا من فمي الكلام الصاعد من هذه الأنقاض فصفقتم له. هنا نشأت الشعائر التي عززت حياتي فوجدت وأنا في وحدتي بعيدا عن العظماء وعن الأحزاب؛ نفوسا أحبتني.
يا جدران نوتردام! أيها القبة المقدسة التي تردد فيها صدى صوتي الضعيف. أيها المحراب الذي باركني. هيهات أن أنفصل عنكم. أحن إليكم وأردد مآثركم وأتذكر بركاتكم كذكرى إسرائيل لصهيون.
وأنتم ياسادتي الألى غرست فيهم على اختلاف أعمارهم الحقائق المقدسة والتقاليد السامية إني سأبقى متحدا معكم في الآتي كما في الماضي، وإذا خانتني يوما قواي إذا لم يعد يؤثر فيكم بقايا صوت، كان عزيزا عليكم فلن ترموا من أجله بالعقوق؛ إذ لا شيء بعد الذي كان يقدر أن يزيل هذا الأثر؛ وهو أنكم كنتم مجد حياتي وإكليلي للأبدية. (9) ميرابو
من خطبته سنة 1789 بعدما غادر لويس السادس عشر المجلس الوطني
Shafi da ba'a sani ba