Tunanin Tunani da Rubuta jin Rai
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Nau'ikan
السعادة أن تكون صحيح الجسم والعقل، مهذبا عالما متحليا بمكارم الأخلاق، نقيا طيبا قانعا بما أوتيت، صبورا على الملمات، مؤديا ما يفرضه عليك الواجب نحو ربك ونفسك وأهلك ووطنك، محبوبا عند الله والناس، تحاسب ضميرك قبل نومك فتجد نفسك لا عليك ولا لك.
آتاك الله ووالداك هذه السعادة، والواجب يقضي أن تكلأها بعين عنايتك وتورثها لأبنائك، وتعاهدهم على أن يحذوا حذوك ويحافظوا عليها حتى يتوارثها عقبهم أبد الآباد، ويرشدوا الناس إلى منهاجها القويم.
خير لشقي تعس منكود جنى على نفسه أو جنى عليه أبوه بمرض عضال ورثه منه أو أهمل تربيته حتى أصبح عالة على أمته أن لا ينقل شقاءه إلى غيره، ويتزوج ويجني هذا الإثم العظيم، فإن امتنع فتلك مروءة نادرة وطيبة عظيمة.
أيها الشقي المسكين الذي جنى عليه أبوه وسدت في وجهه أبواب السعادة، وحرمه طالعه المنكود من راحة الجسم وهناءة البال؛ تدرع بصبر أيوب، وفرج كروبك وبدد همومك بمواساة البائسين وإغاثة الملهوفين وعيادة المرضى وبرهم بقدر ما تستطيع ولو بكلمة حلوة، فإن ذلك سعادة عظمى لا يفهمها إلا الكيس الحكيم، وتعز في وحدتك بقول أبي العلاء:
هذا جناه أبي علي
وما جنيت على أحد
باب النقد
(1) الأدب في القرن التاسع عشر
فشا بيننا معشر المصريين داء عضال لم يجد أمامه من الأساة من يقاومه ويستأصل شأفته، حتى طال به العهد وأصبح كأنه غريزة في النفوس، اعتدنا أن نعتقد العجز في أنفسنا مهما بلغت قدرتنا وكفاءتنا فلا نحكم عقولنا في أي أمر مهما كان سهلا لا يستدعي للحكم عليه إجهاد الفكر أو الاستعانة بأولي النظر؛ ظانين أن هذا من التواضع والنفور من الغرور، لعمرك ما هذا إلا الضعف والخذلان والجمود وقتل النبوغ حينما تبدو بوادره، والحيلولة دون الترقي والفلاح، فترانا إن اختلفنا في قيمة عمل ما لم نجد أمامنا حكما غير الرأي العام الذي نجله ونمجده وننصاع إليه، كلنا نعلم أن العامة مهما فاقوا الخاصة في العدد أضعافا مضاعفة لا يعتد برأيهم ذوو الرأي الثاقب؛ لتجردهم من المقدرة التي تؤهلهم للحكم.
لست بذلك أبغي من كل فرد أن يسلك سبيل الغرور ويركب متن الشطط فيضل في بيداء أوهامه، ويحكم نفسه في كل شيء سواء كان من ميسوره أو فوق مقدوره، بل ينبغي له أن يعرف قدره وفضله ويضع نفسه بعدل في موضعها اللائق بها، فلا يتناول حكمه أمرا لا يستطيع القضاء عليه، فبذلك يستمر في رقيه لبعده عن الغرور ويكون عادلا في قضائه.
Shafi da ba'a sani ba