56

Tunanin Doki

خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار

Nau'ikan

وكنت متكبرا، فأغضبتني تلك الخطبة، واعتزمت أن أنتقم قبل نهاية الفصل. ثم تقدم ميرليفلور ثلاث خطوات وحيا الجمهور بهز رأسه، ولكن كانت تبدو عليه الكآبة والشكوى.

وقال له صاحبه: هيا، قدم هذه الصحبة من الأزهار إلى أجمل سيدة في هذا الجمع.

فضحكت لأنني رأيت كل أيدي السيدات تهيأت وامتدت واستعدت لاستلام الصحبة منه.

ودار ميرليفلور في طرف الدائرة التي يحيط بها المتفرجون، ثم وقف أمام امرأة سمينة غير جميلة، علمت حينئذ أنها امرأة صاحب الملعب، وأنها كانت تحمل إليه في يدها سكرا، وبعد وقوفه وضع عندها الأزهار.

فضايقني منه ما رأيت من قلة ذوقه، ووثبت إلى داخل الدائرة من فوق الحبل بين دهشة عظيمة من الجمهور، ثم تقدمت ونظرت إلى الجمهور محييا من كل جانب: أمام ووراء، وعن اليمين وعن اليسار.

فقال صاحب الحمار العالم: أيتها السيدات وأيها السادة.

ومشيت بخطى مطمئنة نحو المرأة السمينة، وانتزعت الصحبة من عندها وذهبت بها ثم وضعتها على ركبتي الطفلة «كاميل»، وعدت إلى مكاني والجمهور يصفق بيديه تصفيقا حادا.

وتساءل الناس: ما معنى ما كان من ظهوري بذلك المظهر؟ وظن بعضهم أن ذلك كان شيئا ممهدا من قبل، وأنه يوجد في الدائرة حماران عالمان لا حمار واحد، ولكن الذين رأوني في صحبة سادتي من الأطفال والرجال والذين يعرفونني من غيرهم كانوا مبتهجين بذكائي وبراعتي.

وظهر الغضب على وجه صاحب الحمار ميرليفلور، وكان هذا غير متأثر بتفوقي عليه وانتصاري فبدأت أفهم أنه حقيقة بهيم. وأذكر هنا أن هذه البلادة نادرة في جنسنا.

ولما ساد السكوت ناداه صاحبه ثانيا: تعال يا ميرليفلور وأظهر لهؤلاء السادة والسيدات أنك بعد معرفتك تمييز الجمال تستطيع أن تميز الحماقة، فخذ هذه البرنيطة وضعها على أحمق رأس في هذا الجمع.

Shafi da ba'a sani ba